مسألة: [الكلام في تعليق الحكم بصفة؛ هل يدل على أن ماعداه بخلافه أم لا؟]
مسألة: [الكلام في تعليق الحكم بصفة؛ هل يدل على أن ماعداه بخلافه أم لا؟]
  اختلف أهل العلم في تعليق الحكم بصفة، هل يدل على أن ما عداه بخلافه أم لا؟
  فالمحكي عن الشافعي وأصحابه غير أبي العباس بن سُريج(١) وأبي بكر القفال(٢) ومن طابقهما منهم أن ما عداه بخلافه.
  ومنهم من يذهب إلى أن تعليق الحكم بصفة لا يدل على أنما عداه بخلافه؛ بل يدل على أنه مقصود بالخطاب، وما عداه موقوف عنه، وهو مذهب الجمهور من أصحاب أبي حنيفة؛ وحكاه أبو عبدالله عن أبي الحسن، ومشائخنا المتكلمون يذهبون إليه.
  وعندنا الصفة التي علق بها الحكم لا تخلو: إما أن تكون بياناً أو جارية مجرى البيان، أو تكون خارجة عن ذلك، فإن لم تكن بياناً ولا جارية مجرى البيان، فإنها لا تدل على أن ما عدا الصفة بخلافها، وذلك مثل قول القائل: اعط زيداً درهماً؛ فإنه لا يدل على أن زيداً الماشي لا يعطى، بل إذا قال: واعط زيداً الماشي درهماً كان الكلام متسقاً غير متناقض، ولأن تعليقه بالصفة جارٍ مجرى تعليقه بالاسم، وتعليقه بالاسم لا يدل على أن ما عداه بخلافه، فكذلك تعليقه بالصفة؛ لأنه إذا قال اعط زيداً لم يدل على ألا يعطي عمراً.
  وأما الصفة: فهو مثل قوله ÷: «في الإبل السائمة شاة» بياناً لقوله ÷: «في خمس من الإبل شاة»؛ فإن هذه الصفة تدل على أن ما عدا السائمة بخلافها؛ لأنه قال في الأول: «في خمس من الإبل شاة»، فلو لم يكن الحكم مقصوراً على السائمة لم يكن لتخصيصه بهذه الصفة فائدة، وكلامه #
(١) أبو العباس بن سريج، اسمه: أحمد بن عمرو بن سريج، كان من عظماء أصحاب الشافعي، وكان كثير الاختلاف إلى الشيخ أبي الحسين الخياط وأخذ عنه. توفي سنة (٣٠٦ هـ).
(٢) أبو بكر القفال هو: محمد بن علي بن إسماعيل الشاسي أخذ عن ابن سريج، وهو أول من صنف في الجدل بين الفقهاء، ومنه انتشر فقه الشافعي من وراء النهر، مات سنة (٣٣٦) ست وثلاثين وثلاثمائة. انظر: المنية والأمل.