مسألة: [الكلام في أن العام إذا ورد عقيبه استثناء أو شرط لا يجب قصره على ما تعلقا به]
  والذي يدل على صحته: أن لفظ اليد يفيد على وجه الحقيقة الجارحة المخصوصة من أطراف الأنامل إلى الإبط، ولهذا لما ورد فرض التيمم على الصحابة ¤ مسح بعضهم الأيدي إلى الآباط حتى أخبرهم النبي ÷ أنه مخصوص، وليس إذا ورد تخصيص في العموم يلحق بباب المجمل، ولأن القائل إذا قال: غوصت يدي في الماء فإن ظاهره يقتضي عموم الجارحة إلى الإبط، وقد كان الواجب في قوله تعالى: {اقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨]، حمله على القطع من الإبط - وقد قال بعضهم(١) - لولا ورود السنة بقطع السارق من الزند والتيمم إلى المرفق.
مسألة: [الكلام في أن العام إذا ورد عقيبه استثناء أو شرط لا يجب قصره على ما تعلَّقا به]
  إذا ورد عام وورد عقيبه استثناء أو شرط يوجبان تعلقه ببعض ما تقدم؛ فعندنا لا يجب قصره على ما تعلق به الإستثناء والشرط، وعند الشافعية يقصر.
  مثاله قوله تعالى: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}[البقرة: ٢٣٦]، ثم قال في آخره: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣٧]، فتناول هذا الإستثناء من يملك العفو منهم، فعندهم أن الخطاب يقصر على من يملك العفو دون من تقدم ذكره. وعندنا هو عام في جميع المطلقات.
  والذي يدل على صحة ما قلناه: ما تقدم من أن التخصيص إنما يجب إذا وقع التنافي فإذا لم يقع تنافٍ لم يجب تخصيص ولا تنافي فيما ذكروه، فوجب إجراء الحكم المفهوم من ظاهر الخطاب على جميع المطلقات، وحكم العفو على من يملكه دون غيره، فلو قصرناه لكنا قد ألغينا كلام الحكيم مع إمكان استعماله وذلك لا يجوز.
(١) أي وقد قال بالقطع من الإبط بعضهم.