صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في المعلوم بفحوى الخطاب هل يفتقر في معرفته إلى غير الظاهر أم لا؟]

صفحة 138 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في المعلوم بفحوى الخطاب هل يفتقر في معرفته إلى غير الظاهر أم لا؟]

  ذهب جمهور العلماء إلى أن المعلوم بفحوى الخطاب لا يفتقر في معرفته إلى غير الظاهر، وهو الذي نختاره.

  ومن الفقهاء من ذهب إلى أن المستفاد من اللفظ هو المذكور فقط، وأن ما عداه إنما يلحق به بضرب من الإستدلال، وهذا يخص مذهب الظاهرية⁣(⁣١).

  ومثال المسألة: قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ}⁣[الإسراء: ٢٣]، فعندنا أن هذا اللفظ يوجب نفي جميع الأذى بظاهره، وعندهم يوجب نفي هذا القول دون غيره.

  والذي يدل على صحة ما قلناه: أن عرف العرب جارٍ في مخاطبتها في النفي والإثبات بما هذا حاله جرياً ظاهراً لا يحتاج إلى برهان، ولهذا فإنا نعلم أن القائل منهم إذا قال: فلان لا يؤمن على حبة خردل، علمنا من ظاهر هذا الخطاب نفي أمانته في جميع ما زاد على أبلغ الوجوه، وهكذا إذا قال: فلان مؤتمن على قنطار، علمنا وجوب الأمانة على ما دونه بظاهر هذه اللفظة، وكان أبلغ عندهم من قوله: فلان أمين، ولا ينكر ما هذا حاله إلا مكابر، فصح ما قلناه.


(١) الظاهرية أتباع داود الظاهري وهم الذين يعتمدون على ظواهر النصوص.