مسألة: [الكلام في معنى النسخ في الشريعة]
مسألة: [الكلام في معنى النسخ في الشريعة]
  اختلف أهل العلم في معنى النسخ في الشريعة.
  فقال بعضهم: هو زوال الحكم بعد استقراره، وهذا فاسد؛ لأن الاستقرار لا يكون إلا بالفعل، والإرادة، فما استقر بالفعل استحالت إزالته لوقوعه، وما استقر بالإرادة استحالت إزالته لكونها تدل على البَدَا الذي لا يجوز على الحكيم سبحانه.
  وقال بعضهم: هو إزالة مثل الحكم بعد استقراره، وهذا باطل أيضاً؛ لأن مثل الحكم يزول ببلوغ الغاية، وزوال الشرط وحصول العجز، ولا يكون نسخاً عند الجميع.
  وقال بعضهم: هو نقل الحكم إلى خلافه، وهذا بعيد؛ لأن نفس الحكم لا يجوز أن ينقل عرفاً؛ لأنه يدل على البدا ولا حقيقة، لأن ذلك محال.
  وقال بعضهم: هو بيان مدة الحكم، وهذا ينقض بالتوقيت والغاية والشرط.
  وقال الجرجاني وجماعة: هو بيان مدة الحكم الذي في التقدير والوهم جواز بقائه، وهذا بعيد من وجوه:
  منها: أن الله تعالى لو تعبدنا بفعل وأخبرنا أنه ينسخه عنا بعد مدة لما توهمنا بقاه.
  ومنها: أن العبد لو لم يحصل له هذا الوهم، ولم يخطر بباله هل سيستقر أم لا؟ لم يتغير حكم النسخ.
  ومنها: أنا لو جوزنا معصيته في اعتقاد بقاء الحكم حتى لا يتوهم استقراره أو زواله لصح النسخ مع ذلك.
  وقال بعضهم: هو إزالة مثل الحكم الثابت بالنص.
  والدليل الموصوف بأنه ناسخ: هو ما دل على أن مثل الحكم الثابت بالمنسوخ - وهو النص الأول - غير ثابت في المستقبل على وجه لولاه لكان ثابتاً مع تراخيه عنه، والمنسوخ هو النص الأول، وهذا الحد يحكى عن أبي علي وأبي هاشم، وإن كان هذَّبَهُ القاضي، وهو اختيار الحاكم.