مسألة: [الكلام في جواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة]
  ووجه ذلك: أيضاً أنها أمارات شرعية مستوية في إيجاب العمل فجاز نسخ بعضها بالبعض كالسنة المعلومة بالسنة المعلومة.
  ومثل ذلك مما روي أن النبي ÷ كان يقنت في صلاته بشيء من الدعاء، ثم روي عنه بعد ذلك أنه قال: «إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هي التسبيح والتهليل وقراءة القرآن(١)» فكان هذا الخبر ناسخاً للأول، فلم يجز بعد ذلك القنوت بشيء من الدعاء.
مسألة: [الكلام في جواز نسخ الكتاب بالسنة المتواترة]
  اختلفوا في نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، فذهب الشافعي وجماعة من أصحابه فيهم الصيرفي إلى أن ذلك لا يجوز.
  وذهب شيوخنا المتكلّمون وأكثر أصحاب أبي حنيفة إلى أن ذلك جائز، وهو الذي نصره الشيخ أبو عبدالله، وحكاه عن أبي الحسين وهو الذي نختاره.
  والدليل على صحته: أن السنة المعلومة تساوي الكتاب في وجوب العلم والعمل، وكلما استوى حالهما في ذلك جاز نسخ أحدهما بالآخر كالكتاب بالكتاب، وكون الكتاب أعلى مرتبة في بعض الأحكام لا يمنع من نسخه بالسنة لأنهما استويا في باب الدلالة، فلا وجه للفرق بينهما، ولأنا نعلم منهما الأحكام المبتداة على سواء فنسخ أحدهما بالآخر جائز.
  ومثال المسألة: الوصية للوالدين والأقربين أوجبها الكتاب، ونسخها قول النبي ÷: «لا وصية لوارث».
(١) رواه الإمام المؤيد بالله # في شرح التجريد ضمن حديث طويل، والإمام أحمد بن سليمان @ في أصول الأحكام، والأمير الحسين في الشفاء.