صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: [في تقسيم الأخبار]

صفحة 170 - الجزء 1

  المستقبل، ووصف كذبهم في الخبر وهو أمر لم يتبين لهم حاله بعد هل هو ما قالوا أم بخلافه؟ لأنه لا سبيل للعباد إلى علم الحال في المستقبل فبطل ما قاله الجاحظ⁣(⁣١).

  وقد ذكر شيخنا ¦ حدوداً لأهل العلم في الصدق والكذب واعترضها باعتراضات لازمة، وغرضنا حصر الفائدة بالإيجاز إلا فيما لا بد من ذكره.

فصل: [في تقسيم الأخبار]

  فإذا صح لك انحصار الخبر بحده وحقيقته شرعنا في الكلام في قسمته.

  واعلم أن الأخبار الشرعية تنقسم إلى قسمين: أحدهما: يوجب العلم. والثاني: لا يوجبه.

  وما يوجب العلم ينقسم أيضاً إلى قسمين: أحدهما: يوجب العلم الضروري، والثاني: يوجب العلم الإستدلالي.

  وما لا يوجب⁣(⁣٢) العلم ينقسم إلى قسمين: أحدهما: يوجب العمل. والثاني: لا يوجبه.

  وإنما انحصرت الأخبار في هذه الأقسام لأنها دائرة بين النفي والإثبات، فلم يجز لذلك دخول متوسط كما قدمنا.

[شروط العلم الضروري والإستدلالي]

  واعلم أن لكل نوع من هذه الأنواع شرطاً يقف حصوله عليه وصحته، فنبدأ من ذلك بالعلم الضروري لأنه أصل العلم، ثم نفرع منه الكلام في الأنواع.

  فللعلم الضروري ثلاثة شروط:


(١) الجاحظ هو: عمرو بن بحر الجاحظ، أبو عثمان، كناني، وقيل مولى لكنانة، أخذ عن النظام، كان نسيج وحده في جميع العلوم، جمع بين علم الكلام والأخبار والفتيا والعربية وتأويل القرآن وأيام العرب مع ما فيه من الفصاحة، وكان حريصاً على العلم، من الطبقة السابعة من طبقات المعتزلة، وهو من معتزلة البصرة، له الكثير من المؤلفات في التوحيد والنبؤة والإمامة وغير ذلك. توفي سنة (٢٥٥ هـ) في أيام المهتدي.

(٢) في النسخة: العمل، ولكن العلم هو الموافق للمعنى لما يأتي، والله أعلم.