فصل: [في تقسيم الأخبار]
  أحدها: أن يكون المخبرون كثرة بحيث يستحيل عليهم التواطؤ على الكذب.
  وثانيها: أن يكون متساوي الأطراف أو متقاربيها في الكثرة.
  وثالثها: أن يكونوا عالمين بما يخبرون به ضرورة.
  وأما الأخبار التي تكون طريقاً إلى العلم الإستدلالي باعتبار حكمة المخبر، أو من يكون خبره كأنه من جهته أو من يقره على ذلك.
  فمنها: ما يكون طريقاً إلى العلم من دون هذا الإعتبار؛ فالأول هو الأخبار الواردة عن الله سبحانه، أو عن رسوله ÷، أو العترة الطاهرة، أو الأمة، أو الأخبار التي يخبرها آحاد الرجال بحضرة الرسول ÷ فيما يتعلق بشريعته أو معجزاته، ثم لا يقابل ذلك بإنكار ولا تكذيب، أو ما يدعي عليه آحاد الرجال العلم به أو المشاهدة له بحضرته ثم لم ينكر ذلك، ونحو ذلك مما يحكيه الله تعالى من الأخبار عمن لم تثبت حكمته إذا عري ذلك عن إنكاره وتكذيبه.
  والثاني: كأن يخبر عدد كثير يستحيل عليهم التواطؤ وافتعال الكذب عن أمر من الأمور مما تنجلي الحال فيه، ولا تدخله طريقة اللبس، فإنا متى فرضنا أن العلم الضروري لا يحصل بخبرهم فإن العلم الإستدلالي حاصل له، ونحو أن يخبر الواحد بحضرة العدد الذين وصفنا حالهم عن مخبر حاله ما وصفنا ويدعي عليهم العلم بذلك والمشاهدة له فيقرونه على ذلك، ولا يقابلون دعواه بإنكار ولا تكذيب إلى غير ذلك.
  وأما ما لا يكون طريقاً إلى العلم، ويكون موجباً للعمل فله شروط ثلاثة:
  أحدها: أن يكون الراوي عدلاً ضابطاً لما يرويه.
  وثانيها: أن يكون الخبر متناولاً لأمر من حقّه متى صح أن يكون ظاهراً مشهوراً.
  وثالثها: أن لا يكون معارضاً لشيء من الأدلة العقلية والسمعية.
  وأما ما لا يوجب العمل: فهو ما لم تتكامل فيه هذه الشروط من أخبار الآحاد، وبيان صحة ما ادعيناه في هذه الأخبار يأتي في أثناء المسائل إن شاء الله تعالى، وهذه الجملة وما ابتنى عليها من التفصيل أورده شيخنا ¦ فأتينا به على ما ذكره.