صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الدليل على ورود التعبد بخبر الواحد]

صفحة 179 - الجزء 1

  الإمامية، وطائفة من البغدادية، وقوم من الخوارج⁣(⁣١)، وقالوا إن العقل يمنع من ورود التعبد به.

  فالذي يدل على صحة ما ذهب إليه الجمهور: العقل والسمع.

  أما العقل: فما نعلمه من أن الواحد منا يستحسن بعقله جلب البضاعة لطلب الربح إذا أخبره بذلك من ظاهره العدالة، وكذلك يتجنب الطريق إذا أخبره من ظاهره العدالة بأن فيها السبع الذي لا سبيل له إلى دفعه، والعدو الغالب، وأن في الطعام سماً مهلكاً، وأن في الشراب دواء نافعاً، وغلب في ظنه صدق من أخبره في أنه يجب عليه تجنب الطريق، واستعمال الدواء، وترك الطعام.

  وأما السمع: فما نعلمه من إيجابه سبحانه علينا قطع الأحكام لشهادة شهيدين من رجالنا، أو رجل وامرأتين، وقد لا يحصل بخبرهم العلم، وكذلك شهادة الأربعة فإذا لم يمنع منه العقل وورد به الشرع صح ما قلنا من ورود التعبد.

مسألة: [الكلام في الدليل على ورود التعبد بخبر الواحد]

  اختلف أهل العلم القائلون بجواز ورود التعبد بخبر الواحد في أن التعبد به هل ورد أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أن التعبد به قد ورد، ثم اختلفوا؛

  فمنهم من قال: أعلم ذلك من جهة العقل وهو أبو العباس بن سريج.

  ومنهم من قال: أعلم ذلك بالعقل والشرع، وحكاه شيخنا ¦ عن الشيخ أبي الحسين البصري.


(١) الخوارج: يُسمون الشراة والحرورية والمحكّمة، ويرضون بذلك، والمارقة للخبر ولا يرضونه، ويجمعهم إكفار علي #، وأصول فرقهم خمس: الأزارقة: منسوبون إلى أبي راشد نافع بن الأزرق، والأباضية: إلى عبدالله بن يحيى بن أباض، والصفرية: إلى زياد الأصفر، والبيهسية: إلى أبي بيهس، والنجدات: إلى نجدة بن عامر، ثم تشعّبوا، وأنشأ مذهبهم عند التحكيم عبدالله بن الكّواء، وعبدالله بن وهب، وفارقا علياً #، ومن مصنّفيهم: أبو عبيده وأبو العَيْناء وغيرهما، انظر: الملل والنحل، جلاء الأبصار.