صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في قبول خبر المدلس]

صفحة 199 - الجزء 1

  وأما أنه إذا لم يقدح في عدالته ولا في ضبطه وجب قبول خبره: فلما تقدم من أن الرواي إذا اجتمعت فيه العدالة والضبط قبل خبره بلا خلاف في ذلك.

مسألة: [الكلام في قبول خبر المدلِّس]

  وخبر المدلس مقبول عندنا خلافاً لبعضهم.

  ومعنى التدليس: أن يسند الراوي الخبر إلى شيخ شيخه، ويحذف ذكر شيخه إذا كان أرفع منه رتبة، ويوهم أنه سمع منه الحديث كالذي عن عكرمة⁣(⁣١) عن ابن عباس، فيحذف ذكر عكرمة، ويقول: قال ابن عباس قال رسول الله ÷، وما شاكل ذلك.

  والذي يدل على جواز قبول ما هذا حاله أن التدليس ضرب من الإرسال، وقد بينا فيما تقدم أن المراسيل مقبولة.

  أما أن التدليس ضرب من الإرسال فذلك ظاهر؛ لأن الإرسال حذف جميع الرواة، والتدليس حذف بعضهم، فكان ضرباً منه، وكما جاز له ترك الكل جاز له ترك البعض بطريقة الأولى.

  وأما أن المراسيل مقبولة: فقد تقدم، فلا وجه لإعادته، وهو وإن أساء في إيهامه مثل هذا القدر لا يقدح في عدالته من حيث أنه لم يأخذ إلا عن الثقة العدل، وإنما عدل إلى


(١) عكرمة مولى ابن عباس البربري، أبو عبدالله، كَذَّبه يحيى بن سعيد الأنصاري، وروى عبدالله بن الحارث عن علي بن عبدالله أنه قال: إن هذا الخبيث يكذب على أبي، ويروى عن ابن المسيب أنه كذبه، وابن سيرين.

وعن أبي ذيب: ليس بثقة، وقال محمد بن سعد: ليس يحتج بحديثه.

ثم إنهم رووا عنه أنه كان يرى رأي الخوارج.

قال الإمام القاسم بن محمد @: عكرمة مولى ابن عباس ¥ كان كذاباً كما هو مذكور في كتب الجرح والتعديل، وكان يبغض علياً # ولا يبغضه إلا منافق. تمت بتصرف. انظر لوامع الأنوار (١/ ١٧٢)، والاعتصام (١/ ١٨٥).