مسألة: [الكلام في المرفوع والموقوف]
  وحكى ¦ عن الشيخ أبي الحسين البصري تفصيلاً ذكر أنه مذهب الحسن البصري(١) وأبي حنيفة والشافعي، وهو أنه قال: لا يخلو إما أن يَسُدَّ خبر الراوي مسدَّ خبر النبي ÷ بغير زيادة ولا نقصان، أو يزيد أو ينقص.
  فإن لم يسد مسده بل زاد أو نقص لم يجز تأدية الحديث به؛ لأنه يكون كذباً على النبي صلى الله عليه وآله والكذب عليه لا يجوز.
  وإن سد مسده بغير زيادة ولا نقصان لم يخل أيضاً إما أن يكون لفظ الراوي أغمض من لفظ النبي ÷ أو أجلى، فإن كان أغمض أو أجلى لم يجز.
  قال ¦: لأنه لا يمتنع أن يعلم الله تعالى تعلق المصلحة بإيراده غامضاً أو إيراده جلياً، ولا سد لفظ الراوي مسده، ولا يقوم مقامه فينقض الغرض.
  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن الراوي إذا كان عدلاً ضابطاً عارفاً بمعناه جاز له روايته؛ لأنا متعبدون بمعنى الحديث دون تلاوة لفظه، والمعنى حاصل، وإن نقل إلينا بلفظ آخر.
  أما أنا متعبدون بمعناه دون تلاوة لفظه: فذلك ظاهر بالإجماع.
  وأما أن المعنى حاصل وإن نقل إلينا بلفظ آخر: فذلك معلوم لنا من ألفاظ اللغة العربية؛ لأن أكثرها يكشف عن معنى غيره، ويقوم مقامه كالجلوس والقعود والقيام
(١) الحسن بن أبي الحسن يسار البصري، ولد لسنتين من إمارة عمر، سمع أمير المؤمنين على الصحيح وجماعة من الصحابة، كان إماماً كبير الشأن عدلياً قوالاً بالحق آمراً بالمعروف ناهٍ عن المنكر، وروي عنه كلمات في جناب الوصي اعتذر أنها تقية وهو الحق.
ذكر المزي في التهذيب من طريق أبي نعيم بسنده إلى يونس بن عبيد أنه سأل الحسن: لم ترفع الحديث إلى النبي ÷ وأنت لم تدركه؟ فقال: سألتني عما لم يسألني أحد قبلك، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك، إني في زمان كما ترى - وكان في زمان الحجاج - كل شيء سمعتني أقول فيه قال رسول الله ÷ فهو عن علي بن أبي طالب غير أنني لا أستطيع أن أذكر علياً. توفي سنة عشر ومائة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة. انظر الجداول (خ)، المنية والأمل.