صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في قول الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا، ما حكمه؟]

صفحة 215 - الجزء 1

  أما ما يوجب العلم: فهي الأخبار المتواترة أن فلاناً من أصحاب النبي الذين صفتهم ما قدمنا، كابن مسعود، وابن عباس، وغيرهما.

  وأما ما يوجب غالب الظن في أغلب الأحوال: فهي الأخبار التي ثبتت من طريق الآحاد على الشرائط التي قدمنا ذكرها بأن فلاناً من أصحاب النبي ÷.

  فأما من أخبر عن نفسه بأنه صحابي فقد اختلف أهل العلم، فقال جماعة من أصحاب الحديث: لا يقبل، وعندنا أنه يقبل سواء رواه هو أو غيره.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن أكثر ما يقال في المنع هذا إن خبره بأنه صحابي يورث التهمة، من حيث أنه يجلب لنفسه بذلك عظيم المنزلة ورفيع الرتبة، ومعلوم أن الصحابة كان كل واحد منهم يذكر ما اختص به من رسول الله ÷ من الأقوال والأفعال التي توجب له المنزلة على غيره من غير مناكرة بينهم في ذلك، ولا رد له، وهذا معلوم لمن تتبع أخبارهم، واقتص آثارهم، فلو كان ما ذكروه يوجب الرد لكانوا بقولهم لما قدمنا من الأخبار قد أجمعوا على ما لا يجوز لهم وذلك لا يصح؛ لأن إجماعهم حجة، فلا يجمعون إلا على الحق على ما يأتي بيانه في باب الإجماع إن شاء الله تعالى.

  ولأن الدلالة قد قامت على قبول ما يرويه، وهذا الخبر من جملة ما يرويه، فوجب قبوله.

  أما أن الدلالة قد قامت على قبول ما يرويه، فقد تقدم الكلام في ذلك بما لا طائل في إعادته.

  وأما أن خبره بأنه صحابي من جملة ما يرويه، فذلك ظاهر لا يحتاج إلى برهان، فصح ما قلناه.

مسألة: [الكلام في قول الصحابي أُمرنا بكذا أو نُهينا عن كذا، ما حكمه؟]

  إذا قال الصحابي أمرنا بكذا أو نهينا عن كذا، فقد اختلف أهل العلم في ذلك.