مسألة: [الكلام في قول الصحابي أوجب أو حظر علينا كذا، ما حكمه؟]
  فحكى شيخنا ¦ عن الشافعي والقاضي والشيخ أبي عبدالله أن ذلك يحمل أن الآمر هو النبي ÷ دون غيره، وكان | يعتمد هذا القول ونحن نختاره.
  وحكى عن الشيخ أبي الحسن وجماعة من الحنفية المنع من ذلك، قالوا: ويجوز أن يكون الآمر والناهي غير النبي ÷؛ لأنه لا دليل في الظاهر يدل على أنه هو الآمر.
  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن العرف جائز(١) بين أهل الأعصار بأن الإنسان إذا قال: أمرنا بكذا، أو نهينا عن كذا، أن الآمر والناهي هو الكبير المفزوع إليه دون غيره ممن لا تأثير لأمره؛ لأن أمر غيره ونهيه لا تأثير له فلا وجه لحكايته؛ فإذا كان هذا هكذا وجب أن يكون الآمر الناهي هو النبي ÷.
  ولأن الصحابي كان يقول ذلك على وجه الإحتجاج والبيان وقول غير النبي ÷ ليس بحجة.
  ولأنه يفيد آمراً ومأموراً فلا يجوز أن يكون الآمر هو الأمة(٢)؛ لأنها لا تكون آمرة لأنفسها فثبت بذلك ما قلناه.
مسألة: [الكلام في قول الصحابي أوجب أو حُظر علينا كذا، ما حكمه؟]
  فأما قول الصحابي: أوجب علينا كذا، أو حظر علينا كذا، فهذا لا يفيد إلا إيجاب النبي صلى الله عليه وآله وحظره وإباحته؛ لأن هذه الأحكام لا تستفاد من بشر سواه، هذا إذا كان ما قال مما لا يختلف في وجوبه ولا حظره ولا إباحته، فإن كان مختلفاً فيه لم يحمل على ذلك لتجويز أن يكون قال ذلك لاجتهاد نفسه أو اجتهاد غيره إن لم يكن من أهل الإجتهاد.
(١) هكذا في النسخة ولعلها [جار]، والله أعلم.
(٢) في النسخة: (فلا يجوز أن يكون الآمر هو أمر الأمة) والموافق للكلام ما أثبتناه والله أعلم.