صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الصحابي إذا ذكر حكما لا يعلم إلا توقيفا، ما حكمه؟]

صفحة 220 - الجزء 1

مسألة: [الكلام في الصحابي إذا ذكر حكماً لا يعلم إلا توقيفاً، ما حكمه؟]

  اختلفَ أهلُ العلم في الصحابي إذا ذكر حكماً لا يعلم إلا بالتوقيف، كالمقدورات والحدود والأبدال.

  فحكى شيخنا ¦ عن جماعة من أصحاب أبي حنيفة أنه يحمل على التوقيف.

  وحكى عن أبي الحسين أنه إن كان من أهل الإجتهاد لا يحمل على التوقيف.

  وحكى عن قاضي القضاة والإمام أبي طالب # أنه إن كان لما قاله وجه من وجوه الإجتهاد صحيح أو فاسد لم يحمل على التوقيف، وإلا حمل عليه، وهذا قول الشيخ أبي الحسين البصري.

  وكان شيخنا ¦ يعتمد هذا القول، وهو الذي نختاره.

  وحكى عن الشيخ أبي الحسن أنه إن كان من أهل الإجتهاد كعطاء⁣(⁣١) في قوله: (إن أقلّ الحيض يوم وليلة) لم يحمل قوله على التوقف، وإن لم يكن من أهل الإجتهاد كأنس⁣(⁣٢)، وقوله في الحيض (ثلاث أربع خمس ست سبع ثمان تسع عشر) فجعل أقله ثلاثاً وأكثره عشراً ولم يكن من أهل الإجتهاد يوجب عنده أن يكون قوله ذلك توقيفاً.

  وتحصيل الكلام في هذه المسألة: أن الصحابي إذا أطلق الحكم الذي ذكرنا وكان


(١) عطاء بن السائب الثقفي الكوفي، عداده في الشيعة الخلص، وثقه أحمد والنسائي والعجلي وحماد بن زيد، قالوا: فمن سمع منه قبل الاختلاط فهو صحيح. توفي سنة ست وثلاثين ومائة. انظر الجداول (خ)، ولوامع الأنوار (١/ ٤٤٥).

(٢) أنس بن مالك بن النضر الأنصاري الخزرجي، خادم النبي ÷ منذ قدم المدينة إلى أن توفي ÷ مات وقد جاوز المائة وهو من أصحاب الألوف. أخرج له جميع أئمتنا وشيعتهم وأصحاب الست المسانيد والسنن كلها. عنه: ثابت البناني، وحميد الطويل، وعلي بن زيد بن جدعان، وعمر بن الوليد، والربيع بن أنس، والحسن، وخلق كثير. انظر لوامع الأنوار (ط ٢ - ٣/ ٦٦).