صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[وجوه الترجيح]

صفحة 223 - الجزء 1

فصل في الترجيح

[وجوه الترجيح]

  اعلم أن الترجيح يقع بوجهين:

  أحدهما: يرجع إلى الراوي.

  والثاني: يرجع إلى الخبر.

  أما ما يرجع إلى الراوي من كونه أشد ورعاً، وأكثر حفظاً وضبطاً، وأذكى ذهنا، وأعظم تشدداً في الرواية، وأوسع علماً إن كانت الرواية مما يتعلق بالمعنى كما تقدم الكلام فيه من كونه أعرف بوجوهه فيؤدى لفظاً، يؤدي إلى تلك الوجوه التي أفادها كلامه عليه وآله السلام.

  فأما إذا روى الحديث بلفظه لم يرجحه كونه أعلم لأن الفقيه والعامي إذا استويا في الوجوه يستويان في رواية الحديث بلفظه، فهذا مما وقع الإجماع عليه برواية شيخنا ¦ أنه يرجح به مما يرجع إلى الراوي.

  وأما ما اتفقوا على ترجيحه به مما يرجع إلى الخبر فهو كونه مطابقاً للظواهر أو لقياس الأصول، وأما المختلف فيه فسيأتي ذكر كل مسألة منه بعينها إن شاء الله تعالى.

مسألة: [الكلام في كثرة المخبرين؛ هل تقتضي الترجيح أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في كثرة المخبرين هل تقتضي الترجيح أم لا؟

  فذهب شيخنا ¦ أن الترجيح بكثرة العدد هو قول الأكثر من أهل العلم منهم الشافعي والشيخ أبو الحسين البصري، وهو المروي عن أبي الحسن، فيجب أن يكون مذهب أبي حنيفة⁣(⁣١)؛ لأنه لما ذكر الشهادة قال يجب أن تكون الشهادة على


(١) أبو حنيفة: النعمان بن ثابت الفارسي، فقيه العراق، أحد أنصار الإمام الأعظم زيد بن علي @ الراوين عنه، أفتى بالخروج مع الإمامين محمد وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن $ وبايع لهما، وكان عابداً مجتهداً محباً لأهل البيت؛ بل هو قتيل حبهم، سقاه أبو الدوانيق سماً.

قال في الإفادة في تاريخ الأئمة السادة في سياق الإمام إبراهيم بن عبدالله @: وكان أبو =