صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أهل العصر إذا لم يفصلوا بين مسألتين]

صفحة 268 - الجزء 1

  فإن نصوا على أن لا فصل بينهما لم يجز الفصل؛ لأنه يكون مخالفة لسبيلهم، وذلك لا يجوز.

  وإن لم ينصوا ولكن لم يوجد فيهم من فرق بينهما، نحو أن يحكم بعض الأمة في المسألتين بحكم، ويحكم بعضهم في المسألتين بنقيضه كأنه يبيح بعضهم إحدى المسألتين، ويحظرهما البعض الآخر، وذلك ضربان:

  [الضرب الأول:] كأن يشيروا إلى حكم فيثبته أحد الفريقين في المسألتين جميعاً، وينفيه البعض الآخر عنهما جميعاً.

  والثاني: كأن يشيروا إلى حكمين مختلفين نحو أن يوجب بعض الأمة النية في الوضوء ويجعل الصوم من شرط الإعتكاف.

  فحكى شيخنا ¦ اختلاف قاضي القضاة في الضرب الأول، وأنه ذكر في العمد أنه لا يجوز الفصل بين المسألتين.

  وذكر في الشرح والدرس أنه إن كان المعلوم أن طريقة الحكم في المسألتين واحدة لا يجوز كونها متغايرة؛ فإن ذلك جارٍ مجرى أن يقولوا لا فصل بينهما، ومن فصل بينهما كان متبعاً غير سبيلهم، وذلك لا يجوز؛ فأما إن جاز أن لا تكون الطريقة في المسألتين واحدة، وأن يكونوا سووا بينهما لطريقتين مختلفتين فإنه يجوز لمن بعدهم أن يفرق بينهما فيحرم إحدى المسألتين ويبيح الأخرى، ويوافق كل واحد من الفريقين في بعض قوله ولا يكون متبعاً لغير سبيلهم.

  وكان شيخنا ¦ يحكي هذا التفصيل عن الشيخ أبي الحسين البصري، وهو الذي كان يذهب إليه، ونحن نختاره.

  والذي يدل على صحته: أنا إذا فرضنا الكلام في مسألتين ولم ينتظمهما طريقة واحدة، ثم أدى المجتهد اجتهاده إلى صحة قول كل واحد من الفريقين في إحدى المسألتين وبطلان قول كل واحد من الفريقين في إحدى المسألتين، كان الواجب عليه العمل بما