صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الخبر إذا تواتر بين أهل العصر وحصل إجماع على موجبه]

صفحة 274 - الجزء 1

  على ما لا يأمنون كونه خطاء، والإقدام عليه قبيح، ولا يجوز من الأمة الإقدام على القبيح، فهذا ينقض تقدير وقوع الإجماع رأساً.

مسألة: [الكلام في الخبر إذا تواتر بين أهل العصر وحصل إجماع على موجبه]

  إذا تواتر الخبر بين أهل العصر وحصل منهم إجماع على موجبه، فقد اختلفوا.

  فمنهم من قال: يجب القطع على أنهم أجمعوا لأجله إن كان جلياً لا يحتاج في معرفة معناه إلى نظر طويل واجتهاد.

  وحكى شيخنا ¦ هذا القول عن الشيخ أبي هاشم وأبي الحسين البصري، وكان | يعتمده، ونحن نختاره.

  وحكى عن الشيخ أبي عبدالله أنه إن تواتر من بَعدُ علمنا أنهم أجمعوا لأجله، وإن لم يتواتر لم نقطع على أنهم أجمعوا لأجله.

  والدليل على صحة ما ذهبنا إليه: أن المعلوم لنا من حالهم البحث عن الأدلة والبراهين، فإذا ظهر بينهم النص الجلي الظاهر المعنى وجب عليهم اتباعه، وقد علمنا منهم أنهم لا يخلون بالواجب، فقطعنا على أنهم أجمعوا لأجله لا محالة.

  وأما ما ذكره الشيخ أبو عبدالله من أنه إن تواتر من بعدهم قطعنا أنهم أجمعوا لأجله، وإن لم يتواتر لم نقطع، فذلك غير لازم؛ لأن حصول الإجماع على مقتضاه يقلل الدواعي إلى نقله لحصول ما يقوم مقامه من الإجماع فيقل ناقله فلا يتواتر لذلك.

  فأما إذا كان الخبر يحتاج في الإستدلال به إلى اجتهاد طويل وبحث وعناية، ولم يظهر أنهم أجمعوا لأجله لم نقطع على أنهم أجمعوا لأجله، وهذا هو الصحيح، وإنما لم نقطع لتجويزنا أن الكل لا يحتمل مؤنة البحث ومشقة نظر الإجتهاد، فيكونوا أجمعوا لأجل خبر أجلى منه، ولم ينقل إلينا لاستغنائهم بالإجماع عنه أو القياس أو ما أشبهه من الطرق الشرعية، فلو قطعنا والحال هذه لكان ذلك القطع بغير دلالة، والقطع بغير دلالة لا يجوز.