مسألة: [الكلام في الإجماع السكوتي]
  فأما إذا كانت المسألة من مسائل الإجتهاد وعملوا عليها أو قالوا بها أو ظهر لنا اختيار البعض بفعل البعض الآخر أو قوله ارتفعت عن باب الإجتهاد، وإن كان للإجتهاد فيها مسرح ولحقت بباب ما الحق فيه واحد.
  وأما المظنون: فهي أخبار الآحاد على وقوع الإجماع، وهي تنقسم إلى قسمين:
  أحدهما: متفق فيه، والثاني: مختلف فيه بعد القول بجواز العمل على أخبار الآحاد في باب الإجماع.
  فالمتفق عليه: كأن ينقل إلينا من نثق به من الآحاد الذين تقدمت صفتهم في باب الإجماع أن الأمة قالت قولاً أو فعلت فعلاً على وجه الإطباق، فهذا إجماع بلا خلاف، ويلحق به أن يفعل البعض فعلاً أو يقول قولاً بمشهد الباقين وتكون المسألة مما الحق فيه واحد، والموانع مرتفعة أعني التي يمكن أن يعتل بها لترك الإنكار ثم لا ينكر عليه البعض الآخر.
  والمختلف فيه: كأن تكون المسألة اجتهادية، ثم يفعل البعض فعلاً أو يقول قولاً ثم لا ينكر عليه البعض الآخر مع ارتفاع الموانع، فعندنا ليس بإجماع، وعند بعضهم هو إجماع، وسيأتي الكلام في هذه الأقوال مفصلاً إن شاء الله تعالى.
مسألة: [الكلام في الإجماع السكوتي]
  إذا قال بعض أهل العصر قولاً ثم انتشر في جميعهم ولم ينكر، فلا يخلو إما أن تكون المسألة من مسائل الإجتهاد، أو تكون مما الحق فيه واحد.
  فإن كانت مما الحق فيه واحد، وقال بعضهم بذلك، وسكت الباقون، لم يخل إما أن يكون لسكوتهم وجه يصرف إليه أو لا يكون؛ فإن كان لسكوتهم وجه يصرف إليه لم يحصل لنا العلم بوقوع الإجماع، كما نقول في سكوت من سكت عن إنكار إمامة أبي بكر وعمر وعثمان(١)، فإنا نقول: إن سكوتهم مخافة من وقوع الفتنة، وانشقاق العصا،
(١) عثمان بن عفان أبو عمر القرشي الأموي، أسلم بعد نيف وثلاثين، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة ولم يحضر بدراً، وبويع له بالخلافة سنة أربع وعشرين، وكان سبب حصره أنه كان كلفاً بأقاربه، =