مسألة: [الكلام في أن قول الصحابي في المسائل الإجتهادية إذا لم يعلم له مخالف ليس بحجة]
  الحسن، ومذهب جماعة من أصحاب الحديث، ونص عليه الشافعي في رسالته القديمة، وروي عنه أنه تُقَدَّم أقوال الأئمة الأربعة.
  والذي عليه الأكثر أن قول آحاد الصحابة ليس بحجة متى اختلفوا في المسألة، وأنه لا يصحّ الأخذ بقول بعضهم إلا إذا علم الوجه، وكان شيخنا ¦ يذهب إلى ذلك، ونحن نختاره.
  والدليل على صحته: أنه لا دليل على كون قول الآحاد حجة، وإثباته حجة بغير دلالة لا يجوز، وكان شيخنا ¦ يحكي أن المخالف في هذه المسألة كان يحتج بصحة ما ادعاه بوجهين:
  أحدهما: أن الصحابة كانت ترجع إلى قول بعضها بغير دليل، فلولا أنه حجة لما جاز ذلك.
  ونحن نأبى هذه الدعوى في علماء الصحابة فلا سبيل إلى تصحيحها.
  وأما عوام الصحابة، ومن لا سبيل له إلى النظر فذلك ثابت، ولكن ليس فيه دليل؛ لأن فرض العامي الرجوع إلى العالم في عصر الصحابة وغيرهم من التابعين وإلى الآن، فكان ذلك على قول من يقوله يوجب كون قول كل واحد من آحاد الصحابة حجة في جميع الأعصار، وذلك ما لم يقل به أحد.
  والوجه الثاني: ما روي عن النبي ÷ أنه قال: «أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم(١)» وهذا أشفّ من الأول إلا أنا نقول المراد إيجاب
(١) ما ذكره الإمام المنصور بالله # من التأويل للحديث المذكور فإنما هو على فرض صحته، وإلا فالخبر غير صحيح، قال السيد الحافظ محمد بن إبراهيم الوزير: (فأما ما روي مرفوعاً: «أصحابي كالنجوم ... إلخ» فهو ضعيف، قاله ابن كثير الشافعي، وقال: رواه عبدالرحيم بن زيد العمي، عن أبيه. قال ابن معين: هو كذاب، وقال السعدي: ليس بثقة، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: حديثه متروك، وقال أبو زرعة: واهٍ، وقال أبو داود: ضعيف وأبوه ضعيف.
وقد روي هذا الحديث من غير طريق ولا يصح شيء منها، ذكر ذلك كله ابن كثير الشافعي في كلامه =