صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أن الدليل قد ورد على التعبد بالقياس]

صفحة 302 - الجزء 1

  وأما أن من لم يعلم بها رضيها؛ فلأنه لم يعلم من أحد منهم نكير على من سلكها، ولا كان للسكوت وجه يصرف إليه سوى الرضى؛ لأن الظاهر من أمرهم المراجعة في مسائل الشريعة وقبول بعضهم من بعض، وإنكار من لم يرض من ذلك أمراً على من رضيه حتى المخدَّرات لشياع العلم منهم وقبولهم له ببركة النبي ÷ سيما فيما يخص الشريعة، فعلمنا أن سكوت من سكت دلالة على الرضا.

  وأما أن ذلك يتضمن معنى الإجماع: فقد قدمنا الكلام فيه، وهو أن القول أو الفعل إذا ظهرا في الأمة، وكانوا بين عامل عليه وساكت عن النكير سكوتاً يدل على الرضى كان إجماعاً لا محالة.

  وأما أن إجماعهم حجة، فقد تقدم الكلام فيه بما فيه كفاية.

  ومن المسائل التي اختلفوا فيها: مسألة الحرام، فقال علي #: (ثلاث تطليقات)، وقال أبو بكر وعمر: (هي يمين)، وقال ابن مسعود: (هي تطليقة واحدة)، وقال ابن عباس: (هي ظهار).

  فمن قال هذه اللفظة بمنزلة التطليقات الثلاث، قال من قال لامرأته: هي عليه حرام، فقد قصد غاية المنع من مداناتها، وذلك لا يكون إلا بالثلاث.

  ومن قال: هو يمين، قال: إن لفظه بالأيمان والنذور أشبه من لفظ الطلاق فيجري عليه حكم الأيمان دون حكم الطلاق.

  ومن جعله بمنزلة تطليقة واحدة، قال: هذا خطر يمكن تلافيه، وذلك لا يمكن إلا إذا جعل بمنزلة تطليقة واحدة.

  وكذلك من قال: هو بمنزلة الظهار، فهذا كما ترى سلوك طريقة القياس لاعتبار العلل في طلب الإشتباه وإجراء الأحكام.