مسألة: [الكلام في أن الدليل قد ورد على التعبد بالقياس]
  القياس والإجتهاد، فكانوا بين سالك لها وبين راض بها، وذلك يتضمن معنى الإجماع، وإجماعهم حجة، وهذه الدلالة تنبني على أصول:
  أحدها: أن الصحابة اختلفوا بعد النبي ÷ في مسائل لم يوجد فيها نص.
  وثانيها: أنهم كانوا بين سالك طريقة الإجتهاد وبين راضٍ بها.
  وثالثها: أن ذلك يتضمن معنى الإجماع.
  ورابعها: أن إجماعهم حجة.
  فأما الذي يدل على الأول: وهو أن الصحابة اختلفوا بعد النبي ÷ في مسائل لم يوجد فيها نص.
  فأما أنه لم يوجد فيها نصّ: فلأنه لو وجد لاحتج به بعضهم على بعض، وكان النص يرفع الخلاف، فلما لم يوجد اختلفوا.
  وأما أنهم اختلفوا: فذلك معلوم لجميع أهل العلم من حالهم؛ لأنهم لما سئلوا عن الجد مع الأخ قال علي # لزيد بن ثابت: (يقتسمان المال نصفين)، وقال أبو بكر وابن عباس: (المال للجد دون الأخ).
  وأما الذي يدل على الثاني: وهو أنهم سلكوا في ذلك طريقة القياس؛ فلأنهم سلكوا فيه مسلك التعليل وإجراء الحكم على ما وجدت فيه علة الأصل، وذلك ظاهر لأن علياً # شبه الجد والأخ بجدولي نهر وغصني شجرة، وذلك لاستوائهما في التعصيب؛ لأن الجد بينه وبين الميت الابن والأخ بينه وبين الميت الأب؛ فالأخ ابن ابنه والجد أبو أبيه أعني الميت، وهذه طريقة القياس والإجتهاد على أوفر الوجوه.
  ومن جعل المال للجد دون الأخ جعله بمنزلة ابن الابن، وابن الابن يحوز المال على الأخ؛ لأنه ابن أبيه.
  قال: فإذا حازه ابن الابن وبينه وبينه درجة فيما سفل جاز أن يحوزه الجد وبينه وبينه درجة فيما علا، فهذه طريقة القياس والإجتهاد.