صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في جواز العمل بالإجتهاد في عصر النبي ÷، وتفصيل ذلك]

صفحة 305 - الجزء 1

  قال: فكذلك، فكأنه كان يرى أن حضرة النبي ÷ مقامه أو مسجده أو مكانه الذي يكون فيه، ووضع في كتابه الموسوم بالفائق في أصول الفقه ما يدل على خلاف هذه المقالة، وكان يقول إن قاضي القضاة ¦ ذكر أن خبر معاذ وإن كان من أخبار الآحاد فقد تلقته الأمة بالقبول، فمنهم من احتج به، ومنهم من تأوله، فصح التعلق به في جواز التعبد بالقياس لمن غاب عن النبي ÷؛ لأنه # صوب معاذاً وقال: «الحمد لله الذي وفق رسول رسوله» فلو لم يجز الإجتهاد لمن غاب عنه لما صوَّبه #.

  فأما إذا أمكن المجتهد مراسلته #، فالقول فيه كالقول فيمن حضره إذا أمكنه سؤاله، وقد أجاز اجتهاد قوم من القايسين إلا أن يمنع من إجتهاده مانع، ومنع منه آخرون منهم الشيخان أبو علي وأبو هاشم.

  وأجاز قوم لمن بحضرته عليه وآله السلام أن يجتهد إذا أذن له النبي ÷ في ذلك وهو قول الشيخ أبي الحسين البصري.

  وذهب أبو رشيد إلى أنه يجوز للمجتهد الإجتهاد بحضرة النبي ÷، وأشار إليه القاضي، وحكى عن محمد بن الحسن.

  وكان شيخنا ¦ يصحح في هذه المسألة ما قاله أبو الحسين من أنه لا يجوز لمن حضر النبي ÷ الإجتهاد قبل سؤال النبي ÷ كما نقول في سالك بَرِّيَة لا يأمن الهلاك فيها إن سلك غير سبيلها وبحضرته من يرشده أن يعمل برأي نفسه في سلوكه يجب عليه الرجوع إلى من يرشده.

  فأما من قبل الشرع فيجوز أن يسأل النبي ÷ فيكله إلى اجتهاده لتعلق مصلحته بذلك.

  واختيارنا في هذه المسألة: أن جواز التعبد بالقياس والإجتهاد في محضر النبي ÷ لا يكون إلا لمن غاب دون من حضر؛ لأن الأدلة التي قدمنا ذكرها من