مسألة: [الكلام في مجاورة الحكم لأحد الأوصاف]
  ليس في فسادها خروج الحق عن أيدي الأمة؛ لأن الذين اختلفوا في التعليل في الأصل هم بعض الأمة.
  قال شيخنا ¦: فكذلك لا يكون في سلامتها من وجوه الفساد ما يدل على صحتها.
  واعلم أن الكلام ينبغي أن يحقق، ونحن إنما فرضنا الكلام في علة شرعية، ولا تكون علة شرعية إلا بأن تؤثر في الحكم حتى يثبت بثبوتها، ويزول بزوالها كما قدمنا، وإذا أُجري عليها هذا الحكم ثم لم يعترضه من الوجوه التي توجب فساد العلل وجه فإنا نقضي بصحتها لسلامتها من وجوه الفساد وكونها على الوجه الذي قدمنا، ولا يكفي في ذلك مجرد سلامتها من الوجوه التي تقضي بفسادها كما لا يكفي في كون الخبر صدقاً مجرد سلامته مما يقضى بكونه كذباً؛ لأنه قد لا يقتضي أمراً بكونه كذباً، ولا يجوز لنا القطع على كونه صدقاً، فإذا لم يدل دليل على صحتها في الأصل لم يطلق عليها اسم العلّة الشرعية بل يقال: علة فاسدة، أو علة غير صحيحة، أو علة لم تقم دلالة على صحتها على سبيل التوسع والمجاز في تسميتها علة.
  وكان شيخنا يؤمي إلى أن قاضي القضاة قضى بصحة العلة الشرعية إذا لم يعلم فسادها، وإن لم تقم دلالة على صحتها؛ لأن التعبد بالقياس واجب ما أمكن.
  إلا أنا نقول: إن العلة إذا لم تقم الدلالة على صحتها كان القياس عليها غير ممكن؛ لأن تعليق الحكم بما لا دليل على صحته يفتح باب الجهالات، وإن لم يظهر عليه من الأدلة ما يقضي بفساده.
مسألة: [الكلام في مجاورة الحكم لأحد الأوصاف]
  ذكر بعض من تكلم في أصول الفقه أن كون الحكم مجاوراً لأحد الوصفين دون الآخر دلالة على أن ما جاور الحكم هو العلة دون الآخر.
  وكان شيخنا ¦ لا يصحح هذا القول بل يقضي بفساده؛ لأنه إن كان الحكم المجاور للوصف يحصل الحكم عند حصوله وينتفي عند انتفائه، سواء وجد الوصف