صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أن طرد العلة لا يدل على صحتها]

صفحة 321 - الجزء 1

  الآخر أو لم يوجد، ولا شك أنه العلة دون الوصف الآخر؛ لأنا قد بينا فيما تقدم أن ذلك معنى العلّة.

  قال: وإن لم يوجد بوجود وصف آخر ولا ينتفي بانتفائه فلا يجوز أن تعد تلك طريقة أخرى سوى ما قدمنا، وإن أراد أن الحكم قد يتجدد عند تجدد أحد الوصفين ولا بد من تقدم ثبوت الوصف الآخر، فذلك لا يدل على أن أحد الوصفين هو العلة وحدهُ؛ لأنه ليس يكفي حصوله وحده كالرجم المتجدد استحقاقه عند تجدد الزنا ليس يكفي فيه الزنا إلا بعد تقدم الإحصان فوجب اعتبارهما، وأن الإحصان شرط لا علة؛ لأنه لا يجوز أن يستحق عليه العقوبة.

  وكلام شيخنا في هذا التعليل يحتمل كما ترى لأنه قال: لا يكون أحد الوصفين علة وَحْدَهُ ثم صرّح بعد ذلك بأنه شرط وهو الصحيح؛ لأن العلة هي ما يؤثر في الحكم، والإحصان لا تأثير له فيه؛ لأن العقوبة لا تستحق عليه كما تقدم.

مسألة: [الكلام في أن طرد العلة لا يدل على صحتها]

  طرد العلة لا يدل على صحتها عند شيوخنا، وهو الذي نختاره، وكان شيخنا ¦ يذهب إلى ذلك، ويحكي أنه المحكي عن أبي الحسن والشيخ أبي الحسين البصري.

  وقال بعض الشافعية طردها يدل على صحتها، ومعنى طردها عندهم هو جريانها في فروعها.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن جريانها في معلولاتها هو فعل المعلل، فكأن قائل هذا القول قال الذي يدل على صحة علتي أن أجري حكمها في أمثالها، ولا شك أن إجراء حكمها في أمثالها لا يدل على صحتها؛ لأن لخصمه بهذه الطريقة أن يقول: إن علتك هذه فاسدة؛ لأني لا أجري حكمها في أمثالها. ودليل آخر: وهو أن جريان العلة في فروعها إنما يصح بعد ثبوت كونها علة على ما شرطنا أولاً بالدلالة، فإذا لم يكن يصح إلا بعد صحة العلة فكيف تكون دلالة على