صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: [في أن الوصف لا يصح كونه علة حكم الأصل إلا والحكم موجود]

صفحة 322 - الجزء 1

  صحّتها، ولأنه لو كان لا يقضى بصحة الحكم إلا بجريانها ولا تجري إلا بعد جريانها ولا تجري إلا بعد صحتها، وقف كل واحد منهما على صاحبه، وذلك يوجب أن لا يصح واحد منها، ويؤدي إلحاقها بباب المحال، فثبت أن الإستدلال على صحة العلة بجريانها لا يجوز.

فصل: [في أن الوصف لا يصح كونه علة حكم الأصل إلا والحكم موجود]

  وذكر شيخنا | أن الوصف لا يصح كونه علة حكم الأصل إلا والحكم موجود فينبغي أن ينظر القايس هل الحكم موجود في الأصل أم لا؟ فإن كان الحكم موجوداً في الأصل صحّ كون الوصف علّة في الحكم سواء سلم له خصمه أو نازعه؛ لأن تسليم الخصم لا يدل على صحة المذهب ما لم تقم عليه دلالة.

  فأما إذا كان الحكم موجوداً في بعض الأصل دون بعض لم يمكن القايس رد الفرع إلى جميع الأصل، وإنما يرده إلى ما يثبت فيه الحكم دون ما عداه إلا أن يمنع من ذلك مانع من إجماع وغيره.

مسألة: [الكلام في أن التعليل بمجرد الإسم لا يجوز]

  لا خلاف بين أهل العلم أن تعليل حكم الأصل بمجرد الاسم لا يجوز كمن يعلل تحريم الخمر بأن العرب سمتها خمراً؛ لأنه لا تأثير لذلك في التحريم؛ لأن الأسامي تابعة للمواضعة التي اختارها المتواضعون، والتحليل والتحريم إنما يقعان للمصالح والمفاسد، ولا يجوز كونها تابعة لاختيار الخلق، ويجوز تعليق التحريم بكونه خمراً ويراد بذلك فائدة قولنا خمراً لأن المرجع بذلك إلى صفات عليها الخمر يصح تعليق الحكم بها عند المجتهد.

  وقال شيخنا ¦: ويجوز تعليل الحكم بحكم شرعي لأنه لا يمتنع أن يكون لبعض الأحكام الشرعية تأثير في بعض فيبنى على ذلك حكم آخر نحو قولنا: طهارة مزيلة للحدث وغير ذلك، ولا يمتنع أن يكون المؤثر في الحكم مجموع صفات كثيرة، كما لا يمتنع أن يكون المؤثر فيه صفات قليلة، وذلك ثابت؛ لأنه لا يمتنع أن يكون لكل واحدة من الصفات قسط من التأثير في قوة ظن المجتهد، كما أن لخبر كل واحد من المخبرين