مسألة: [الكلام في تعليل حكم الأصل بعلتين]
  وعلة حكم الأصل غير معلومة في ذلك، فلا يجوز القياس على علة غير معلومة يستوي فيها الأصل والفرع.
  فأما الصلاة بإيماء الحاجبين فيمكن أن يعلم علة أصله؛ لأنه قد تقرر وجوب الصلاة في الأصل على مقدار ما يمكن من تلك الأفعال إلا الإيماء بالحاجبين فوجب؛ لأنه إشارة تفيد تعظيم المشار إليه ممكنة للمتعبد بالتعظيم، فوجب القضاء بوجوبها دليله الإيماء.
مسألة: [الكلام في تعليل حكم الأصل بعلتين]
  وإذا علل حكم الأصل بعلتين لم يخل إما يكن المؤثر فيه مجموعهما، أو كل واحدة منهما وإن انفردت، فإن كان المؤثر فيه مجموعهما، ولم تكن واحدة منهما تؤثر فيه على الإنفراد كان مجموعهما علة، ولم تكونا علتين.
  وإن كانت كل واحدة منهما مؤثرة فيه وجب القضاء بصحتها وإجراء حكمها في الفروع التي يمكن جريان الأحكام فيها، ولا مانع من ذلك؛ لأنهما إن كانا وجه المصلحة فلا يمتنع كون الشيء مصلحة لوجهين، وإن كانا أمارة المصلحة فلا يمتنع أن يقوم على الشيء أمارات أو أكثر كما نعلمه في الغيم المخصوص وسماع الرعد ومشاهدة البرق أن كل واحد منها أمارة تقضي غالب الظن بوقوع المطر.
  ثم لا يخلو أن تدل كل واحدة منها على حكم أو لا تدل؛ فإن دلت كل واحدة منها على حكم الأصل قضي بصحتها ولم يمتنع ذلك؛ لأنه قد يقوم على الشيء دليلان وأكثر، وكذلك الدليل على حكم الأصل سواهما من نص أو إجماع لمثل ما قدمنا؛ لأن المعتبر في صحة العلل هو التأثير على الوجه الذي ذكرنا أن تكون دلالة؛ لأنه يجوز أن تكون الدلالة غيرها.
  فأما إذا كان أحد العلتين الدليل على حكم الأصل دون الأخرى، فقد اختلف أهل العلم في ذلك.
  فمنهم من أجاز تعليل الحكم بالعلة التي ليست بدلالة على حكم الأصل وأجراه مع العلة التي تجري مجرى علة حكم الأصل مع النص الدال على ثبوته، فكما أن النصّ على