صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في اعتبار الشبه بين الأصل والفرع في القياس]

صفحة 345 - الجزء 1

  وإنما التضاد عند أهل اللغة يفيد اختلاف الأحكام، ولا فرق عندهم بين التضاد والإختلاف، وقد يفهم منه أنه لا يجتمع كونها عللاً وذلك ضربان:

  أحدهما: أن لا يجتمع كونها مؤثرة في أحكامها لتنافي أحكامها.

  والثاني: يرجع إلى أمر سوى تنافي أحكامها، وهو أن لا يوجد في الأمة من علل ذلك الأصل بعلتين بل كل منهم علله بعلة واحدة، فالمتنافي أحكامها لا بد أن يكون أصلها أكثر من واحد أو يستحيل أن يكون أصلها واحداً.

  إلا أنه لو كان أصلها واحداً لكان قد اجتمع في الأصل الواحد حكمان متنافيان، وذلك محال، وإذاً ثبت أن أصل العلتين المتنافيتين الحكم إثنان فصاعداً.

  مثاله: وجوب النية ونفي وجوبها في إزالة النجاسة بعلة أنها طهارة بالماء ورده إلى التيمم بعلة أنه طهارة عن حدث.

  وإن امتنع كونها متضادة لعلة سوى تنافي أحكامها فبأن لا يكون في الأمة من علل ذلك الأصل بعلتين كل منهم علله بعلة واحدة.

  مثاله: تعليل التفاضل في البر بكونه مكيلاً ومأكولاً ومقتاتاً، وليس كل منهم علله بتعليل واحدة منها ولا باثنتين منها، ومتى تنافت العلل واشتبه القول في فروعها وجب الرجوع إلى الترجيح، فينبغي أن يتكلم قبل ذلك في غلبة الأشباه.

مسألة: [الكلام في اعتبار الشبه بين الأصل والفرع في القياس]

  لا خلاف بين مثبتي القياس في اعتبار الشبه بين الأصل والفرع، والشبه: هو ما يحصل به الإشتباه بين الأصل والفرع.

  والإشتباه: هو اشتراك الشيئين في صفة من الصفات ووجه من الوجوه، وهذه الصفة وهذا الوجه هو الشبه.

  فمنهم من ذهب إلى اعتبار صورة الفعل وهيئته فيه، وهو طريقة ابن علية فإنه كان يحمل القعدة الثانية على القعدة الأولى في أنها غير واجبة بعلة أنها قعود من الصلاة،