مسألة: [الكلام في قياس غلبة الأشباه]
مسألة: [الكلام في قياس غلبة الأشباه]
  فأما غلبة الأشباه: فهي أن يكون الشبه أقوى من شبه آخر فهو أولى لأن يعلق الحكم به لقوة أمارته، وقوة الأمارات أمر ظاهر لا إشكال فيه، والقياس ينقسم إلى قسمين: قياس معنى، وقياس غلبة الأشباه.
  فقياس المعنى: يرجع إلى أصل واحد يشبهه لا يعارضه شبه آخر، وإن عارضه كان خفياً كرد العبد إلى الأمة في تنصيف حد الزنا.
  وقياس غلبة الأشباه: هو مثل قياس الشافعي العبد المقتول على الأموال لمشابهة الأموال له في أحكام كثيرة مع مشابهته للحر في أنه متعبد وأنه إنسان إلى غير ذلك.
  فهذه الأشباه كما ترى متعارضة كل واحد منها يساوي صاحبه أو يقاربه في قوة الظن عند المجتهد، ويخفي فضل قوة أحدهما على الآخر إلا بعد الإجتهاد، ولا يخلو قياس غلبة الأشباه: إما أن يرجع الحكم فيه إلى أصل واحد أو إلى أصلين.
  فإن رجع إلى أصلين جاز أن يكون الفرع واحداً ويشبه بأحد الشبهين أحد الأصلين، ويشبه بالشبه الآخر الأصل الآخر، كما ذكرنا عن الشافعي في العبد المقتول أنه يشبه الحر في تحديد بدله(١) من حيث كان مكلفاً، ويشبه المملوكات في نفي تحديد بدله(٢) من حيث كان مملوكاً، ومقوماً في أموال التجارة، ومقسوماً في التركات، وترجع الوصية فيه إلى الثلث، وكالوضوء يشبه التيمم في وجوب النية فيه من حيث كان طهارة عن حدث، ويشبه إزالة النجاسة في نفي وجوب النية فيه من حيث هو طهارة بالماء.
  وإن رجعا إلى أصل واحد، فقد يكون الفرع اثنين، وقد يكون واحداً.
  فإن كانا اثنين فإن كل واحد منهما يشبه الأصل بأحد الشبهين دون الآخر كالرمان والجص فإن أحدهما يشبه البر من حيث كان مأكولاً وهو الرمان، والآخر يشبهه من حيث كان مكيلاً وهو الجص.
(١) بمعنى أنه يلزم فيه دية الحر لا غير.
(٢) بمعنى أنه يلزم قيمته بالغة ما بلغت دون النظر إلى الدية.