صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

فصل: في حد الترجيح وفائدته وذكر أقسامه

صفحة 348 - الجزء 1

  وإن كان الفرع واحداً فهو كالأرز المشبه البر من حيث كان مأكولاً، ومن حيث كان مكيلاً، ومن حيث كان مقتاتاً، فيقع النظر في أي هذه الوجوه أولى بالتأثير فتكون علّة الحكم فما لم تدل عليه أمارة قضي بفساده، وما تساوى في دلالة الأمارات عليه عدل به إلى الترجيح، وهذان القياسان المتقدمان عندنا في الصحة سواء؛ لأن كل واحد منهما يستفاد به الحكم ويرجع في تأثير علته إلى غالب الظن المعتبر في الشرعيات على سواء، فكان حكمهما ثابتاً في الشرع على سواء، وإن كان أحدهما أغمض من الآخر فلا يجوز ترجيح أحدهما على الآخر إذ هما يقعان في أمرين مختلفين.

  ثم ينبغي أن نذكر وجوه الترجيح كما ذكره شيخنا ¦ ليكون من أراد الترجيح عرف علته وحكمه.

فصل: في حدِّ الترجيح وفائدته وذكر أقسامه

  اعلم أن الترجيح هو الشروع في تقوية إحدى الطريقتين الشرعيتين على الأخرى، وذلك لا يصح الترجيح إلا بعد تكامل كونهما طريقين لو انفردت كل واحدة منهما؛ لأدت إلى الحكم؛ لأنه لا يصح ترجيح طريق على ما ليس بطريق.

  وأما فائدة الترجيح: فهي أن يُقَوِّي الظن الصادر عن إحدى الأمارتين عند تعارضهما ولذلك لا يصح الترجيح بين الأدلة لأنها لا تتعارض؛ لأن تعارضها موقوف على تنافي مدلولاتها، وفي تعارضها ثبوت مدلولاتها على تنافيها، ولأن الأدلة لا تقتضي الظن فلا يمكن القول بأن أحد الظنين أقوى، ولأن الترجيح يقتضي التمسك بما يثبت فيه الترجيح، واطراح ما لم يثبت فيه الترجيح، والدليل لا يجوز إطراحه.

  فأما قسمة ترجيح العلة: فهو ينقسم إلى ما يرجع إلى طريقها، وإلى ما يرجع إلى حكمها، وإلى ما يرجع إلى مكانها، وهو الأصل والفرع، وإلى مجموعها، وسيأتي الكلام في كل واحد من هذه الأقسام في أثناء المسائل بمشيئة الله تعالى وعونه وهذا الفصل ذكره شيخنا ¦ في كتابه في أصول الفقه فأوردناه كما ذكره.