صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في العالم هل يصح أن يكون له في المسألة قولان متنافيان أم لا؟]

صفحة 362 - الجزء 1

  ارتفع اعتقادنا بكونه حراماً، وإن اعتقدناه حراماً ارتفع اعتقاد كونها حلالاً لاستحالة اجتماع الضدين، وموضع تقرير ذلك أصول الدين، ولا يصح أن يقال إنما نسب إليه ذلك؛ لأنه يقول بالتخيير فيهما لأن ذلك لا يعلم من مذهبه، ولأن التخيير قول واحد وليس بقولين، ولأنه يكون قولاً بأن الواجب يجوز تركه مع التمكن من فعله إلى غير واجب يسد مسده ويقوم مقامه كما قلنا في الكفارات الثلاث لا يجوز، وكذلك فلا يصح أن يقال إنما نسبنا إليه ذلك لأنه لم يثبت عنده ما عداهما ولا ندري في أيهما الحق من غير أن يقويا عنده، أو يقال إنهما قويا عنده ولكن لم يترجح أحدهما على الآخر، وذلك لا يصح؛ لأنا قد قدمنا أن من هذه حاله يكون شاكاً في المسألة والعمل على الشك لا يجوز.

  فلا يجوز أن يقال إن له في المسألة قولاً فضلاً عن قولين، وذلك لا يصح أن يقال في من شك في العالم هل هو حادث أو قديم أن له في العالم قولين.

  فإن قيل: إن له قولين بمعنى أنه قال أحدهما في القديم والثاني في الجديد، لم يصح أيضاً إضافة قولين إليه على هذا الوجه، وإنما له قول واحد وهو الجديد الذي رجع إليه دون القديم الذي رجع عنه.

  فإن لم يعلم التاريخ بينهما قلنا له في المسألة قول هو أحد هذين القولين إلا أنا لا نعلمه بعينه لجهل التاريخ بينهما، ومما يجوز أن يتوهم أنهم أضافوا إليه القولين لأجله، أنه قال قولين بَيَّن فيهما طريقتين للإجتهاد للمجتهد ليعمل فيهما بما يؤديه اجتهاده إليه، وعلى هذا لا يجوز إضافة اعتقاد أحد القولين إليه على التخيير ولا على الجمع.

  فإن قيل: إنه ذكر قولين في المسألة على حالين ويريد أنه قال بأحدهما على حال وبالآخر على حال أخرى، هذا لا يصح، لأنه يوجب أن يكون له في المسألة قول واحد إذ الحادثة التي تختص بحال تخالف التي تختص بحال آخر وهما يجريان مجرى مسألتين، كما يفتى من يمكنه الصلاة قائماً بالقيام، ومن لم يمكنه الصلاة قائماً بالقعود، فلا يقال له في الصلاة قولان أحدهما أنه يجب على المصلي تأديتها قائماً والثاني يوجب عليه