صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في العالم هل يصح أن يكون له في المسألة قولان متنافيان أم لا؟]

صفحة 361 - الجزء 1

  قدمنا أولاً في طريق تستوي عندنا في أمره أمارات الخوف والأمن، فلا يحصل لنا مع التساوي إلا الشك، والعمل على الشك لا يجوز عقلا ولا شرعاً.

  ولأنهما إذا استوتا مع التنافي لم يكن للمكلف إذا عمل على أحدهما من اعتقاد كون العمل عليها أولى، وهذا الإعتقاد لا يجوز إلا بأن يغلب على ظنه كونها أولى، وذلك لا يصح مع التساوي، وذكر شيخنا ¦ في كتابه الموسم بالفائق في أصول الفقه، الإحتجاج على ما ذهبنا إليه بوجهين:

  أحدهما: يتضمن معنى الوجه الأول الذي ذكرنا.

  والثاني: أن ذلك التخيير بين النفي والإثبات لا يصح بل يرجع إلى وجه واحد وهو الإباحة وذلك كالتخيير بين أن يكون الفعل محظوراً أو مباحاً أو واجباً أو غير واجب؛ لأنه إذا خير المكلف بين الحظر والإباحة وقيل له: إن شئت فافعله وإن شئت فلا تفعله، فقد أبيح له الفعل، فقد رجع التخيير إلى وجه واحد إذ ليس معنى الإباحة سوى ذلك، وليس ذلك بتخيير بينهما بل هو عمل على أحدهما وإطراح الآخر، فثبت أن التخيير في ذلك لا يصح.

مسألة: [الكلام في العالم هل يصح أن يكون له في المسألة قولان متنافيان أم لا؟]

  اختلف أهل العلم في أنه هل يصح أن يكون للعالم في المسألة قولان متنافيان أو لا يصح ذلك؟ نحو ما ينسب إلى الشافعي فقد نصوا في كتبه على مسائل أن له فيها قولين أحدهما يجوز، والآخر لا يجوز من غير رجوع إلى تاريخ أو تخيير وهذا لا يجوز عند أصحاب أبي حنيفة، وكان شيخنا ¦ يذهب إليه، وهو الذي نختاره، وحكى أن أكثر المتكلمين يجوزه.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أن إضافة ذلك إلى العالم على معنى أن كل واحد منهما مذهب له من غير تغاير في الوقت والوجه يؤدي إلى اعتقاد الضدين وذلك لا يجوز وقوعه في حالة واحدة فضلاً عن جعله مذهباً لبعض المجتهدين؛ لأنا لا نعقل من أنفسنا اعتقاد كون الفعل حراماً وكونه حلالاً في حالة واحدة؛ لأنا إذا اعتقدناه حلالاً