صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في جواز تقليد العامي للمفتي في الفروع]

صفحة 378 - الجزء 1

  وإن كان ممن يرى جواز الإعتدال في الأمارات وهو الذي اخترناه وكان يرى الإطراح عند التساوي كما قلنا وصححناه أيضاً لم يكن له أن يفتي بواحد منهما بل الواجب عليه الرجوع إلى ما سوى الأمارتين المعتدلتين من الطرائق الشرعية إن وجد ذلك، وإلا رجع إلى طريقة العقل فأفتى بحسب ما يؤديه اجتهاده إليه من جهة العقل.

  وإن كان ممن يرى القول بالتخيير عند التساوي؛ فقد ذكر قاضي القضاة في الشرح أن له أن يفتي بأيهما شاء، وذكر قولاً آخر وهو أنه إنما يفتيه بما يراه والذي يراه هو التخيير فينبغي أن يفتيه بلفظ التخيير ولا يفتيه بأحد الأمرين على القطع والبتات.

  وكان شيخنا ¦ يقول: إن الأول أولى، وهو الذي نختاره، ويحتج له: بأنه يجوز للمفتي أن يعمل بأي القولين شاء، فكذلك يجوز له أن يفتي بأيهما ولا يجب عليه تخيير العامي بينهما.

  وعندنا أن قول القاضي آخراً أولى؛ لأن التخيير حكم زائد على أحدهما ويتعلق به من الفائدة ما لا يتعلق بأحدهما من توسعة التخيير، ولا شك في أنه يلزمه أن يفتي على الوجه الصحيح عنده، والصحيح عنده التخيير فيفتي المستفتي بالتخيير ليطابق هواه اعتقاده، وذلك هو الواجب، ويكون العامي مخيراً في العمل بأيهما شاء كما المفتي مخير، ولو أفتاه بأحدهما على وجه القطع لكانت فتواه مخالفة لمذهبه، وذلك لا يجوز.

مسألة: [الكلام في جواز تقليد العامي للمفتي في الفروع]

  يجوز للعامي أن يأخذ بقول المفتي ويقلده في مسائل فروع الشرع عند جميع الفقهاء وجل المتكلمين.

  وحكى شيخنا ¦ عن الشيخ أبي علي أنه فصل القول في ذلك؛ فقال: يجوز تقليده في المسائل الإجتهادية دون المسائل التي الحق فيها واحد؛ لأنه لا يأمن خطأ العالم فيها فيكون قد عمل على الخطأ فذلك لا يجوز.