صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في طريقة استصحاب الحال]

صفحة 398 - الجزء 1

  وما قالوه من أن النافي له والمدعي لا دليل عليه، وكذلك النافي لصلاة سادسة وصيام شهرٍ آخر سوى شهر رمضان لم ينف ذلك إلا بدليل وهو عدم المعجز.

  ولو سألنا عن الإمتناع لاعتقاد ثبوته لاستدللنا بأنه لم يظهر على يديه المعجز فلو كان نبياً لظهر المعجز على يديه، وكذلك لو فرضت علينا صلاة سادسة وصيام شهر آخر لنصب لنا على ذلك دليلاً ومعلوم أنه لا دليل؛ إذ لو كان لعُلِمَ لأن الحكيم سبحانه وتعالى لا يجوز منه التكليف بما لا دليل عليه على ما ذلك مقرر في مواضعه من أصول الدين.

مسألة: [الكلام في طريقة استصحاب الحال]

  ذهب جماعة من أصحاب الظاهر إلى استعمال طريقة في الأحكام الشرعية يسمونها استصحاب الحال، ومعنى ذلك: أن المكلف متى لزمه الحكم الشرعي على حال مخصوصة وتغيرت تلك الحال في الثاني استصحبوا الحال الأولى في الحكم بعد تغيرها وأجروا عليه الحكم الأول، وقالوا: لا يزول هذا الحكم ولا يتغير إلا بدلالة مبتدأة، وطابقتهم على ذلك فرق من الشافعية.

  والظاهر من مذهب أصحابنا إبطال هذه الطريقة وإحالة الإعتماد عليها، وكان شيخنا ¦ يصحح هذه الطريقة على وجه دون وجه على ما نذكره إن شاء الله تعالى.

  والصحيح عندنا: أن استصحاب الحال طريقة فاسدة غير صحيحة على كل وجه من الوجوه على ما نبينه.

  ومثال المسألة: ما قالوه من أن المصلي يجب عليه التيمم عند عدم الماء بالإجماع، فإذا دخل في الصلاة ورأى الماء استصحب الحال الأولى لأنه قد أجمع على وجوب الصلاة عليه بالتيمم وهذا يبطل عندنا؛ لأنا نقول: بأن الإجماع تناول الحال الأولى دون الثانية لأن حال عدم الماء يخالف حال وجوده فلا يجوز الجمع بينهما في الحكم بغير دليل سيما والتكليف يتغير بتغير الحالات لاختلاف المصالح باختلاف الأوقات كما قررنا ذكره في باب الناسخ.