مسألة: [الكلام في حقيقة لفظ الأمر]
  وفي الغرض إنه أمر، كقولهم: لأمرٍ ما جدع قصير أنفه، أي لغرض، وأمر فلان عظيم أي حاله وشأنه، ولا بد من أمر لأجله كان الجسم متحركاً، أي معنى يؤثر فيه، وليس بحقيقة في الفعل أي ليس يفيده من حيث هو فعل، بل من حيث هو شيء، وذات، وهو مذهب شيخنا أبي علي الحسن بن محمد الرصاص(١) | وحكاه لنا عن القاضي شمس الدين.
  وهذا يصح عند من يَعلم المعنى المؤثر في ثبوت حال الجسم، وأما من لا يعلم ذلك فهو لا يخطر بباله عند إطلاق اللفظ فضلاً عن سبوقه إليه حتى لا يجب الإشتراك(٢).
(١) أبو علي الحسن بن محمد بن الحسن بن محمد الرصاص الشيخ الكبير المتكلم شحاك الملحدين، كان آية من آيات زمانه، كثير العلم واسع الدراية، قليل النظير، بلغ في العلوم مبلغاً تحتار فيه الأفكار على صغر سنه، تتلمذ على يد القاضي جعفر بن أحمد، وهو شيخ الإمام المنصور بالله #، قال فيه الإمام # حسام الدين، رأس الموحدين، أبو علي الحسن، علامة اليمن، ألّف في الأدب وعمره أربع عشرة سنة، وفي الأصول وعمره خمس عشرة سنة، وله المؤلفات الكثيرة في الأصول والفروع وفي علم الكلام وغير ذلك من فنون العلم، ومن مؤلفاته التبيان، والفائق في الأصول، والكاشف وغيرها من المؤلفات، وتوفي يوم الاثنين من شهر شوال سنة (٥٨٤ هـ) وعمره (٣٨ سنة)، وقبره بهجرة سناع جوار قبر القاضي جعفر رحمهما الله تعالى. قيل إنه كان يرد على نيف وسبعين فرقة.
(٢) قال القرشي في العقد ما لفظه: قال الإمام المنصور بالله #: إنما يكون مشتركاً بين ما كان من هذا معقولاً لأهل اللغة فتخرج جهة التأثير والصفة؛ لأن أهل اللغة لا يعلمون المعنى الذي لأجله احترك الجسم ولا الصفة التي أوجبها هذا المعنى للجسم، ويمكن الجواب عن ذلك: بأنهم يعقلون ذلك على جهة الجملة فإن كل عاقل يعلم بكمال عقله أنه لا بد من أمر لأجله احترك الجسم بعد أن كان ساكناً، وأن التفرقة بين الحي والميت لا بد أن يرجع بها إلى أمر، وأما أن ذلك هل هو فاعل أو موجب أو ذات أو صفة؟ فلا، وإذا عقلوا ذلك على سبيل الجملة كان كافياً في أن يضعوا له لفظاً يدل عليه أو يشركوا بينه وبين غيره في لفظ. انتهى (ح - ش - غ) (٢/ ١٢٠).