صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الأمر لماذا يكون أمرا؟]

صفحة 47 - الجزء 1

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إلى تحديد الأمر به [أنه] يكشف عن معناه على جهة المطابقة، ويحصر فائدته، ولأنه يطرد وينعكس، وذلك أمارة صحة الحدِّ.

مسألة: [الكلام في الأمر لماذا يكون أمراً؟]

  اختلف أهل العلم في الأمر لماذا يكون أمراً، فذهب أبو القاسم البلخي⁣(⁣١) إلى أنه أمرٌ لعينه⁣(⁣٢).

  وذهبت المعتزلة البصريون⁣(⁣٣) إلى أنه يكون أمراً لكون الآمر مريداً لحدوث المأمور به، وذلك هو اختيار السيد أبي طالب⁣(⁣٤) قدس الله روحه، وحكاه شيخنا عن شمس الدين ®.


(١) أبو القاسم البلخي هو: عبدالله بن أحمد بن محمد الكعبي البلخي الخراساني، من أئمة المعتزلة البغدادية، وهو الذي تنسب إليه الكعبية من المعتزلة، وأخذ عن أبي الحسين الخياط، وكان من أحفظ الناس لاختلاف المعتزلة في الكلام، له معرفة واسعة بالكلام والفقه والآداب، معروفاً بالسخاء والجود والهمة العالية، انصرف إلى خراسان، وكان من أصحاب الإمام محمد بن زيد الداعي # وجرى بينهما مكاتبات، وله الكثير من المصنفات منها: عيون المسائل وكتاب المقالات وكتاب في التفسير وغيرها من الكتب، وكان مولده سنة (٢٧٣ هـ) وتوفي ببلخ في أيام المقتدر العباسي سنة (٣١٩ هـ).

(٢) قال في المعتمد: والبغداديون من أصحابنا يقولون: إن الأمر أمر لعينه.

قال الإمام المهدي أحمد بن يحيى في منهاج الوصول: لكني أظن أن أبا القاسم يلحظ مذهب أبي الحسين وهو أن الأمر لا صفة له لكونه أمراً بل معنى كونه أمراً كونه صيغة مخصوصة لكن يلزمه أن يفصله عن التهديد باشتراط مقارنته للإرادة ولعله يشترط ذلك، والله أعلم.

(٣) المعتزلة فريقان: المعتزلة البصريون والمعتزلة البغداديون؛ فالبصرية تتميز عن البغدادية بالتعمق في علم الكلام، وهم قسمان أيضاً: قسم يرى رأي العثمانية في التشيع، ومنهم قدماء البصريين كعمرو بن عبيد، وأبي إسحاق، وإبراهيم بن سيار النظام، وعمرو بن بحر الجاحظ، وثمامة بن أشرس، وغيرهم.

وقسم يميلون إلى التشيع وإلى تفضيل أمير المؤمنين علي # على جميع الصحابة ومنهم: أبو علي الجبائي، وقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد، والشيخ أبو عبدالله البصري، وأبو محمد الحسن بن متَّويه صاحب التذكرة. =