صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في الأمر إذا ورد مؤقتا بوقت]

صفحة 60 - الجزء 1

  فمنهم من قال: المفعول في أول الوقت نفل سقط به الفرض.

  ومنهم من قال: إنه موقوف مراعى إن بلغ آخر الوقت، وهو باقٍ على شرط التكليف كان ما فعله في أوله فرضاً، وإن بلغ آخر الوقت وقد زال شرط التكليف كان نفلاً.

  ومنهم من قال: إنه موقوف مراعى لتعجيل الزكاة يجب بدخوله فيه أو ببلوغه آخر الوقت، وهو المحكي عن أبي الحسن الكرخي.

  وثالثها: أن الوجوب يتعلق بأول الوقت وآخره؛ لكنه يجب في أول الوقت موسعاً ويتضيق عليه في آخر الوقت، وحكاه شيخنا عن أبي علي، وأبي هاشم، وقاضي القضاة، والسيد أبي طالب، وجماعة من الفقهاء منهم: محمد بن شجاع.

  ثم اختلفوا؛ فمنهم من قال: يجوز تأخيره لا إلى بدل، وهو الذي حكاه شيخنا عن أبي الحسين البصري، وعن القاضي شمس الدين ¥ وأرضاه وهو الذي نختاره.

  ومنهم من قال: لا يجوز له تأخيره إلا بشرط العزم على أدائه⁣(⁣١) وهو الذي حكاه شيخنا ¦ عن أبي علي، وأبي هاشم، وقاضي القضاة، والسيد أبي طالب، ومحمد بن شجاع.

  ومثال ما اختلف فيه الجميع قوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ}⁣[الإسراء: ٧٨]، فأوجب سبحانه إقامة الصلاة من دلوك الشمس إلى غسق الليل على سواء في اللفظ والإرادة، فلم يكن لتعليق الوجوب بأول الوقت دون آخره أو بتعليقه بآخره دون أوله، وجه كما ذهب إليه من قدمنا ذكره.

  وأما بطلان اشتراط العزم فقد تقدم⁣(⁣٢) فلا وجه لإعادته.


(١) رواه المؤيد بالله عن الإمام القاسم بن إبراهيم #. تمت شرح غاية.

(٢) تقدم حيث قال # في مسألة (حمل الأمر على الفور أو التراخي): لا دليل على وجوب العزم المخصوص الذي ذكروه، إنما يجب العزم على وجه الجملة على أداء الواجبات، وترك المقبحات).