مسألة: [الكلام في النهي المطلق والمقيد هل يقتضي تكرار الإنتهاء أم لا؟]
  فذهب قوم إلى أنه لا يقتضي الفساد بظاهره(١)، وحكى شيخنا | أنه مذهب الشيخ أبي عبدالله، وحكاه عن أبي الحسن وجماعة من الحنفية وهو اختيار الحاكم.
  وذهب الشافعية إلى أنه يقتضي فساد المنهي عنه بوضعه.
  أما في الشرع؛ فإنه يختلف حاله في ذلك بحسب ما يتعلق به، فإن كان المنهي عنه مما يتعلق بالعبادات فإنه يقتضي فساد المنهي عنه، وإن كان مما يتعلق بالمعاملات فإنه لا يقتضي ذلك، وهذا الذي كان شيخنا | يختاره، وحكاه عن القاضي شمس الدين.
  وعندنا: النهي الشرعي يقتضي فساد المنهي عنه سواء كان من باب العبادات أو من باب المعاملات.
  واستدل شيخنا ¥ على أنه لا يقتضي فساد المنهي عنه بوضعه ما ثبت من وقوع أشياء كثيرة في الشريعة مما ورد عنه النهي الحقيقي في موقع الصحيح في ثبوت أحكامها الشرعية نحو غسل النجاسة بالماء المغصوب، فإنه منهي عنه، ولا شك في زوال النجاسة به، وكذلك الذبح بسكين مغصوب مع حصول حل الذبيحة؛ وطلاق البدعة تثبت أحكامه مع أنه منهي عنه، والبيع وقت النداء يثبت به الملك، والوطء في زمن الحيض تثبت له أحكام الوطء من تكميل المهر، والإحلال للزوج الأول وغير ذلك؛ فإن هذه الأشياء منهي عنها على جهة الحقيقة، ولم يوجب النهي فساداً فيها، فلو كان النهي مقتضياً للفساد بظاهره وموضعه للزم من ذلك أحد باطلين:
  إما ألا تكون هذه الأشياء منهياً عنها على جهة الحقيقة، وإن لم تكن فاسدة.
  وإما أن تكون فاسدة إذا كانت منهياً عنها على جهة الحقيقة، فلا تثبت أحكامها الشرعية، وكلاهما باطل، فثبت أن النهي لا يقتضي الفساد بوضعه.
  واحتج على فساد المنهي عنه في باب العبادات: بأن النهي إذا ورد عن حكيم اقتضى قبح المنهي عنه؛ لأن النهي عن الحسن قبيح لا يجوز وروده في خطاب الحكيم، ومن حق
(١) وإن كان قد يقتضي ذلك بقرينة تقترن به كما نقوله في العبادات الشرعية. تمت مقنع.