صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [في الألف واللام إذا دخلت على ألفاظ الجنس والجمع والأسماء المشتقة]

صفحة 78 - الجزء 1

  أحببت كقولك إلا ربيعة ومضر وبني فلان وبني فلان، حتى تأتي على جميع العقلاء، ولولا أن اللفظ شملهم على وجه الحقيقة لما صح الإستثناء، كما لا يصح أن تقول: إلا الخيل والبغال وغيرها مما لا يتناوله اللفظ؛ لأن من شرط صحة الإستثناء أن يخرج من الكلام ما لولاه لصح دخوله تحته؛ لأن الواحد منا إذا قال علي لفلان عشرة إلا ديناراً فإن هذا الإستثناء بالإجماع يخرج من الكلام ما لولاه لوجب دخوله تحته؛ لأن العشرة اسم لهذا العقد المخصوص، دون غيره، وإذا قال: رأيت رجلاً إلا زيداً، أو رجالاً إلا زيداً لم يكن استثناء حقيقياً عند أهل اللغة مع أنه قد أخرج من الكلام ما لولاه لصح دخوله تحته، فإن زيداً يصح دخوله تحت هذا الإستثناء، وإن لم يكن حقيقياً لما قدمنا من وجوب إستغراق اسم الرجال عند أهل اللغة بخلاف رجل ورجال.

  والذي يدل على أن لفظة العموم تقتضي الإستغراق على وجه الحقيقة: أنهم يجعلون البعض في مقابلة الكل فيقول قائلهم: أخذت كل المتاع أو بعضه، فلو كان لا يقتضي الإستغراق عندهم ما جعلوا البعض في مقابلته كما أنهم لا يقولون: أخذت بعض المتاع أو جزءاً منه، لما كان كل واحد من اللفظين لا يقتضي الإستغراق عندهم.

مسألة: [في الألف واللام إذا دخلت على ألفاظ الجنس والجمع والأسماء المشتقة]

  ألفاظ الجنس والجمع والأسماء المشتقة من الأفعال إذا عُرِّفَت باللام ولم يرد المخاطب معهوداً فإنها تقتضي الإستغراق عند أكثر الفقهاء، وهو قول أبي علي واختيار القاضي، وإليه ذهب الحاكم.

  وعند أبي هاشم أنها لا تقتضي الاستغراق بوضعها بل يجب حمل ألفاظ الجمع على الأقل وهو ثلاثة، وحمل ألفاظ الجنس والأسماء المشتقة من الأفعال - إذا لم تكن ألفاظ الجمع - على الأقل وهو الواحد - إن كان لفظاً للواحد -، والإثنان - إن كان تثنيةً -، إلا أن تدلّ دلالة على أن المراد به العموم كأن يتعقبه الزجر الذي يتوجه بالدلالة إلى الجميع من هذه الألفاظ فإنها حينئذ تفيد العموم والإستغراق لذلك.