صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في أقل الجمع]

صفحة 79 - الجزء 1

  والشيخ أبو الحسين البصري يفرق بين ألفاظ الجمع، وبين أسماء الأجناس، والأسماء المشتقة من الأفعال فيقول إن ألفاظ الجمع تستغرق لجواز صحة الإستثناء كما تقدم.

  ويقول بأن ألفاظ الجنس، والأسماء المشتقة من الأفعال لا تستغرق لأنه لا يصح الإستثناء منها؛ لأنه لا يصح أن يقول القائل: رأيت الرجل إلا زيداً، ورأيت الإنسان إلا زيداً، ورأيت الضارب غير زيد، فلم يكن هذا الإستثناء صحيحاً، وكان جارياً مجرى قوله: رأيت رجلاً إلا زيداً، وإنساناً إلا زيداً، وضارباً إلا زيداً.

  واعلم أن وجوب الإستغراق يعتبر بصحة الإستثناء فما صح منه الإستثناء فهو من ألفاظ العموم، وما لم يصح منه الإستثناء فليس كذلك، فأما في لفظ الجنس المعرف بالألف واللام، والأسماء المشتقة من الأفعال، فعندنا أنها من ألفاظ العموم إذا لم يرد بها معهوداً.

  والذي يدل على ذلك: ما يثبت من أن الألف واللام إذا لم تكونا لتعريف العهد فهما لتعريف الجنس، إذ لا واسطة بين تعريف العهد وتعريف الجنس في ذلك، ولولا ذلك لما كان فرق بينهما وبين النكرات، وقد ثبت الفرق.

  وأما جواز الإستثناء فلا بد منه، وقد وقع في قوله تعالى: {وَالْعَصْرِ ١ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا}⁣[العصر: ١ - ٣]، وهذا الإستثناء تحقيقي، ولا مانع من جواز الإستثناء في قوله: رأيت الإنسان إلا زيداً إن لم يرد بلفظ الإنسان معهوداً، وإن لم يكثر استعماله في اللغة، ولم يوجد، كما نقوله في جواز استثناء الأكثر من الأقل وإن لم يوجد على ما يأتي بيانه.

مسألة: [الكلام في أقل الجمع]

  اختلف أهل العلم في أقل الجمع.

  فعند الأكثر أن أقل الجمع ثلاثة.