صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في العموم إذا خص هل هو حقيقة أم مجاز؟]

صفحة 81 - الجزء 1

  وهو المروي عن أبي هاشم أولاً.

  والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه: أنه قد ثبت أن لفظ الجمع حقيقة في الثلاثة وفيما زاد عليها، بدلالة أن الذي علمنا كونه حقيقة في الثلاثة هو بعينه قائم فيما زاد على الثلاثة قيامه في الثلاثة فلا وجه لحمله على الثلاثة دون ما زاد عليها؛ فإذا ورد معرفاً بالألف واللام وجب حمله على الإستغراق.

  وإن ورد مُنَكَّراً فإنه لا يخلو: إما أن يكون خبراً، أو أمراً، أو نهياً.

  فإن كان من قبيل الخبر وجب حمله على الثلاثة فما زاد عليها إلى الحد الذي يمنع منه الدليل، ويرجع تفصيله إلى قصد المخاطِب؛ لأنه لا يمتنع أن يكون له مراداً بمنزلة المعهود يرجع إليه خطابه؛ لأنه لا يمتنع في قوله: رأيت رجالاً أن يرجع به إلى رجال مخصوصين، ومن هذا الأصل قولهم في الإيقاعات المحتملة إنه يرجع فيها إلى نية المخاطب.

  وإن كان من قبيل الأمر والنهي فإنه يجب حمله على ثلاثة غير معينين لمنع الدليل عن حمله على ما زاد على الثلاثة؛ لأنه لا ينحصر ودخول ما لا ينحصر في التكليف لا يجوز عندنا، فهذا هو الفرق بين الخبر والأمر والنهي.

مسألة: [الكلام في العموم إذا خص هل هو حقيقة أم مجاز؟]

  اتفق العلماء على جواز ورود خطاب الحكيم سبحانه وتعالى بالعام وهو يريد به الخاص، وإنما اختلفوا في العموم إذا خص:

  فمنهم من يقول: إنه يصير حقيقة فيما بقي داخلاً تحته بأي دليل خص، وعلى أي وجه خص، وحكاه شيخنا ¦ عن جماعة من الحنفية، فيهم: عيسى بن أبان⁣(⁣١) وجماعة من الشافعية.


(١) عيسى بن أبان بن صدقة أبو موسى قاضي، من المقدمين في أصحاب أبي حنيفة، وأحد القائلين بالعدل والتوحيد من الفقهاء، وكان هو المبرز في جميع العلوم على أهل زمانه، وعاصر الشافعي، وكان يناظره، وتوفي سنة (٢٢١ هـ).