صفوة الاختيار في أصول الفقه،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

مسألة: [الكلام في العموم إذا خص هل هو حقيقة أم مجاز؟]

صفحة 82 - الجزء 1

  ومنهم من قال: إنه يصير مجازاً بأي دليل خص، وعلى أي وجه خص، وهو الذي حكاه عن مشائخنا المتكلمين سوى القاضي وأبي الحسين، وحكاه عن القاضي شمس الدين ¥.

  ومنهم من قال: إن خص بدليل متصل لم يصر مجازاً، وإن خص بدليل منفصل صار مجازاً، وحكي هذا القول عن أبي الحسين.

  وعند القاضي، أنه لا يكون مجازاً إلا أن نخصصه بشرط أو تقييد بصفة.

  ومنهم من فرق بين ما يستقل في الإفادة بنفسه من المتصل، وبين ما لا يفيد بنفسه كالإستثناء، والشرط والتقييد بالصفة، فقال: هو مجاز في الأول، وحقيقة في الثاني، وإليه ذهب الشيخ أبو الحسين البصري.

  وعندنا أن العموم إذا خص بأي دليل خُصَّ، على أي وجه خُصَّ، فالحال فيه لا تخلو من أحد أمرين:

  إما أن يعلم المراد من ظاهره مع التخصيص أو لا يعلم من ظاهره بل يبقي فهم السامع متحيراً حتى يرد عليه الدليل، فإن سبق إلى الفهم عند إطلاقه معناه فهو حقيقة مع المخصص ودونه؛ لأن هذا أمارة الحقيقة كما تقدم، وذلك مثل قوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}⁣[التوبة: ٥]، فإنه يسبق إلى الفهم عند إطلاقه وجوب قتل المشركين على أي حال وجدناه، وإن كان قد خص أهل الذمة والمستجير ومن لم تبلغه الدعوة.

  وكقوله ÷: «فيما سقت السماء العشر»⁣(⁣١)، وقوله ÷: «في الرقة ربع العشر»⁣(⁣٢)، و «في خمس من الإبل شاة»⁣(⁣٣)، وغير ذلك


(١) رواه في الجامع الكافي (خ)، ورواه الإمام المؤيد بالله في شرح التجريد عن جابر بلفظ: «فيما سقت الأنهار والعيون العشر»، وعن سالم بن عبدالله عن أبيه بلفظه بزيادة: «أو كان يسقى بماء السماء»، ورواه الأمير الحسين في الشفاء مرسلاً (١/ ٥٣٤)، وعن عمرو بن حزم، وهو في أصول الأحكام (خ)، ورواه الطبراني في الأوسط (٣/ ٤٠١) رقم (٤٩٤٣) عن أبي هريرة، وابن خزيمة =