ترجمة مؤلف السيرة المنصورية
  حتى ودَّ أنه ما كان، للمصيبة التي عمت وأهمت، وخصت الإسلام وعمت، بعض صاحبها الذي ألفت من فضائله، وحكى فيها بعض وقعات جنوده وقبائله، فيالها من مصيبة هدت بنيان المكارم، وصغرت مواقع النوازل العظائم، وعمت كافة الإسلام بالفواقر والقواصم، وذكرتهم ما قيل قديماً في قيس بن عاصم:
  عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما
  فما كان قيس هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما
  وكان يود عند إكمالها لو نزل به الحَين المتاح، والقدر المجتاح، فيقضى نحبه قضاء الصفاح، ولهاذم الرماح، دون أن يكون خاتمها، وحاكي وفاة صاحبها سلام الله عليه وراقمها، ولكن لن يبلغ كل متعن ما تعنَّى، ولن ينال كل متمن ما تمنى، وقد قال تعالى: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ ٣٤}[الأنبياء: ٣٤]، قال عن قلب مجروح، ودمع مسفوح:
  لو كان يومي قبل إكمالها ... لكان عندي مغنماً مستفادْ
  يكملها غيري ولا أصطلي ... بحسرة تشوي سُويدَ الفوادْ
  يهلك في ضمنها فضله ... كالشمس عم النور منها البلادْ
  تعطر الآفاق من طيبه ... وترتدي بالحسن كلُّ النَّوادْ
  ويعتلي العلب نزار به ... ذروة مجد مشمخر العمادْ
  فليت عمري زيد في عمره ... أو ليتني كنت فدىً لو أفادْ
  أو ليتني مت بأيامه ... بين الضبا البيض وسمر الصِّعَادْ
  ولم أكن شاهد يوم به ... اختاره للقبض ربُّ العبادْ
  مضى فقيداً وغدا سعيه ... يحمد في الدنيا ويوم المعادْ