[قصيدة في حال الصغر]
  ألَا قَلَّمَا يَأتِي بِخُرقٍ مهذَّبٌ ... كَرِيمٌ من الفتيَان غيرُ مهذّبِ(١)
  فاِنَّ مِتُّ فَابكِينِي بِمَا أنا أهلُهُ ... ولا تخدِشِي خَدَّاً ولا تتعصّبِي
  وقولِي لَعَاً للفَادح الخَطب والذي ... يَرَى أنَّ كسبَ المَجدِ أفضَل مَكسَب
  ومَن يَلَتقِي الخَيلَ العَظِيمَةِ ضَاحِكَاً ... وَيركَبُ أطرافَ القَنا غير متعَب
  ومَن يَلطُفُ الضَّيْفَ الغَرِيبَ بِوُسعِهِ ... ويفعلُ فِعل الوالد المتقَرّب
  ويَهْمِي على الجار الجنِيب بِوَبْلِهِ ... إذا شِيْم برقا مُستَخفٍّ وَخُلّبِ(٢)
  ومن يَكشف المعنى لِعَيٍّ بفهمِهِ ... ويُطلِقُ عَقد المُشكِلِ المتوَزِّب
  فَهَذِي خِلاَلٌ لا تَخَافِينَ نَقضَهَا ... بنقلِ ثِقَاتٍ من نزارٍ ويعرب
  ولا تطمعي ما دمتُ حياً بسلوةٍ ... عن الضيف إلا أن تبيني وتغربي
  أترجِين لمَّا سَوّدَ الشَّعَرُ عَارِضِي ... وأصبحت لا أزَوي عنِ الشَّيبِ مَنكِبِي(٣)
  وطُوِّلَت الأعنَاقُ من كل وجهَةٍ ... إليّ لأخلاقي وأهْلي ومَرحَبِي
  رُجُوعِي عن العليَا ونقلُ طَبَائِعِي ... كمَن يتشَهَّى لَحمَ عنْقَاءَ مُغْرِبِ(٤)
  ألا إنَّ لي في الجُودِ وَيحَكِ لَذَّةً ... كلذةِ غيري في طَعَامٍ ومَشْرَب
[قصيدة في حال الصغر]
  ومما قاله # في حال صغره بحجة:
(١) الخُرْقُ، بالضم، وبالتحريكِ: ضِدُّ الرِفْقِ، وأن لا يُحْسِنَ الرجلُ العَمَلَ والتَّصَرفَ في الأُمورِ، والحُمْقُ. ورجل مهذب: أي طاهر الأخلاق.
(٢) البَرْقُ الخُلَّبُ: المُطْمِعُ المُخْلِفُ، وماء خلّب كقُبّر: السَّحابُ لا مَطَرَ فيه.
(٣) في الديوان: وأصبح لا روّى عن الشيب منكبي، ومعنى تروت مفاصله: اعتدلت وغلظت.
(٤) والعَنْقاءُ المُغْرِبُ، بالضم، وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبَةٌ ومُغْرِبٍ، مُضافَةً: طائِرٌ مَعْروفُ الاسمِ لا الجِسْمِ، أو طائِرٌ عظيمٌ يُبْعِدُ في طَيَرانهِ، أو منَ الأَلْفاظِ الدَّالَّةِ على غيرِ مَعْنىً.