السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

[تفاصيل وقعة درب ظالم]

صفحة 288 - الجزء 1

  وكان وصولهم إلى صعدة لعشر ليال بقين من شهر رمضان زاده الله شرفاً، وكانت تراسهم أربعمائة، وفياسهم مائتين وخمسين، يزيد ذلك قليلًا أو ينقص، وسائر العسكر كثير من أهل السلاح.

[تفاصيل وقعة درب ظالم]

  وكان وصولهم إلى الجوف لخمس بقين من شهر رمضان فحطوا بهجرة السوق⁣(⁣١)، ووقع الخطاب والذراعة من أهل الدرب وسلطانهم يومئذ جلاح وحصن ابني أبي حماد، وكان غرضهم تفتير الأمر، وفَلَّ حد العسكر، وعندهم أنهم يمتنعون لحصانة دربهم وجندهم، {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ}⁣[الحشر: ٢]، ومن أهل الجوف من يشددهم ويقوي عزائمهم لنفاذ أمر الله فيهم.

  فلما علم الأميران قصدهم واستهوانهم بالأمر أمرا في العسكر بالنهوض، وذلك وقت صلاة العصر، فلما دنوا إلى الدرب خرجت خيلهم ورجالهم مجمعة ليكفوا حد العسكر، فلم يَرْتَبْ منهم أحد، وحققوا الحملة في إثرهم إلى وسط الدرب، ووقع الحرب الشديد، وترجل الأمير عماد الدين يحيى بن حمزة عن فرسه، ووقع أمر ليس بالهزل، وتقنعت خولان بأتراس ورموا بأنفسهم في الخندق، ودخلوا عليهم قهراً بالسيف، وقتل منهم رجل من خيارهم يقال له: جسار بن زيد، وانحازوا إلى مقلة الدرب، وصاحوا بالأمان، ودنا الليل، وعاد العسكر إلى المحطة، وأيقن أهل الدرب بالهلاك، فاحتالوا في وصول رجلين من كبار خولان، وسألهما


(١) هجرة السوق: المراد به سوق آل دعام، في ناحية الزاهر من الجوف.