وأما زهده #:
  بقي في نفسه شيء، فأصلح الإمام بينهم على ثمن معلوم سلموه له، وعقد بينهم المبيع بألفاظ شرعية، وصلى بعد ذلك في الدار مدة إقامته فيها.
وأما زهده #:
  فيعرف ذلك من خالطه في سفره وحضره، يفطر على الشيء اليسير من الطعام مع إدمان الصيام، ويصبر على شظف العيش وقلته مع التمكن مما يريد منه، فإذا أتاه شيء آثر مَن كان قريباً منه من مملوك أو صاحب أو غيره؛ زهداً في الدنيا ورغبة فيما عند الله من الثواب الأسنى.
  روى القاضي الفاضل راشد بن الحسن بن أبي يحيى(١) - وكان له خلطة به، وملازمة معه في أيام الدرس وبعده - أنه # مع ضيق الحال في بعض الأوقات كان إذا دعي إلى الطعام وبحضرته من الغرباء ممن يعرفه ومن لا يعرفه فلا بد من أن يدعوه إلى حضور طعامه قل أم كثر على مرور الأيام.
  ومن ذلك: ما رواه عنه # في الجوف أنه لَمَّا أدمن على الصيام عول عليه وسأله الإفطار وقال: إن إدمان الصوم يضعفك، وفي قوتك تقوية الإسلام، فساعده # على فطر بعض أيام قليلة، وكانت نفقته معه فانقطع من الأكل معه ثلاثة أيام، فظن القاضي أنه عاد إلى الصوم، فدخل عليه في بعض تلك الأيام وبين يديه لحيح من ذرة وصبغه روم في جانبه،
(١) القاضي العلامة قاضي أمير المؤمنين حاكم المسلمين راشد بن الحسن بن أبي يحيى الصنعاني |، كان من العلماء الكبار الجُلَّة الفضلاء، ولاه الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة القضاء، وله شعر كثير يدل على ولائه ونصرته للإمام #.