[توجه الإمام إلى صنعاء في قلة من الجند بعد صلاة العيد]
[توجه الإمام إلى صنعاء في قلة من الجند بعد صلاة العيد]
  وحضر وقت صلاة العيد فنهض # ولم يكترث لشدة الأمر، وعظم الخطر، وارتكاب الهول، متوكلاً على الله، باذلاً نفسه في سبيل الله، في عسكر لم يعرفهم حق المعرفة، ولا أنس بهم كل الأنس، فخرج إلى ظاهر البلد قدام باب الأهجر، فصلى صلاة العيد في خلق كثير من الأشراف والشيعة، وضحى بكبشين أملحين، وأمر بقسمتهما على المساكين.
  وركب في الحال متوجهاً إلى صنعاء، والغز الذين معه يزعجونه ويحثونه، وأشار عليه أصحابه ومن حضره بالتوقف، وكسروا عليه وخوفوه، لما رأوه من اجتهاد القوم في إزعاجه وحرصهم على ذلك، فلم يعبء بكلامهم ولا ساعدهم، وركب ومضى على شأنه مستعيناً بالله وحده، وكفى به معيناً، واستمر على نيته الصادقة، وتأخر الناس عنه قليلاً قليلاً، وتفرقوا يميناً وشمالاً.
  وكان معه من الشيعة المطرفية قدر أربعين رجلاً بالسلاح والآلة فما صحبه منهم رجل واحد، ولم يبق معه من خيل العرب ما يبلغ العشرة، ولا من الرجالة الذين يختصون به من الأشراف والشيعة إلا مقدار العشرة أو يزيد قليلاً، تأخر بعضهم عن الدخول معه إلى المدينة للعجز عن المشي مع الخيل لشدة السَّوق وسرعة العَدْو، وكانت خيل الغز التي معه قدر مائة وعشرين فارساً، فكان بينهم كما قال # في شعره بعد فتح صنعاء:
  أقلب طرفي هل أرى العرب جهرة ... فلم أر إلا أعجمياً مهمهما
  سوى نفر شم الأنوف غطارف ... رأوا خلطهم للنفس بالنفس أكرما
  فوصل إلى عصر وقد نهض شمس الخواص إلى المدينة، وقد انهزم إسماعيل منها في قدر أربعمائة فارس متوجهاً إلى اليمن، واستمر الإمام حتى حط على الغيل شامي مسجد الحرة.