السيرة الشريفة المنصورية ج1،

فاضل بن عباس بن دعثم (المتوفى: 700 هـ)

وأما زهده #:

صفحة 77 - الجزء 1

  فاعتذره عن تأخيره عن الأكل معه، بأن البر قد قل عنده وأنه مؤثر بما حصل منه للضيف، فعلمت أنه لم يؤخرني عنه إلا للإيثار.

  ومن ذلك: ما رواه عنه # بميتك⁣(⁣١)، أن الضيف لا ينقطع منه على مرور الأيام، فكان يجتهد في إكرامهم من أطيب المطعومات، وأنه مستمر على أكل الذرة وأدمها منها، أو ماء الدجر إلا في النادر وما أقله، حتى لقد ظننت أنه يحتمي من اللحم.

  ومن ذلك: أنه وصل إليه ضيف كثير في بعض الأيام وكان عنده جماعة من قرابته فأمر لهم بذبح بقرة وأضافهم بأجمعهم، وتأخر الشرفاء للأكل معه فأتى له بلحيح وقليل من لبن ممخوض.

  ومن ذلك: ما رواه القاضي المذكور في أيام الخريف بوادي ضهر⁣(⁣٢)، وقد حضر جماعة من المتدرسين عند الشيخ الفاضل حسام الدين الحسن بن محمد الرصاص، فعزل لهم شيئًا من العنب برسم الخريف، وكان للإمام شيء مما يخصه، فكان يميل عليه بالإطعام والضيفة فنفد ذلك قبل أصحابه، فكانوا يدخلون إلى مواضعهم كل باكر وهو يدخل إلى موضعه مدة أيام وهو متعطل، ويوهمهم أنه يدخل لشيء يأكله، وغرضه الميل إلى التخفيف عن أصحابه، ففطن له رجل منهم فنظر المكان وقد تعطل، فعجب من ذلك الحاضرون.


(١) مَيْتك ويقال فيها مَوْتك بفتح الميم وسكون الوأو أو الياء ثم تاء مثناة من فوق وكاف وهو مَا يسمى عفار فِي الشمال الشرقي من حجة. والفَوْحُ من الريح والفَوْخُ إِذا كان لها صوت.

(٢) وادي ضهر: واد مشهور شمال غرب صنعاء، من منتزهات صنعاء الجميلة، كثير الفواكه.