حكاية عن جعفر بن محمد #
  فجلست بحذائه أي الباب فما لبثت إلا يسيراً وخرج فقال: ادخل على بركة الله فدخلت وسلمت عليه فرد علي السلام وقال: اجلس غفر الله لك، فجلست فأطرق ملياً، ثم رفع رأسه وقال أبو من؟ فقلت: أبو عبدالله، قال: ثبت الله كنيتك ووفقك يا أبا عبدالله، فقلت في نفسي: لو لم يكن لي في زيارته والتسليم عليه غير هذا الدعاء لكان كثيراً ثم رفع رأسه فقال: ما مسألتك؟ فقلت: سألت الله أن يعطف علي قلبك ويرزقني من علمك، وأرجو أن الله تعالى أجابني في الشريف ما سألته، فقال: يا أبا عبد الله ليس العلم بالتعلم وإنما هو نور يقع في قلب من يريد الله تعالى أن يهديه، فإن أردت العلم فاطلب في نفسك أولاً حقيقة العبودية، واطلب العلم باستعماله، واستفهم الله يفهمك، قلت: يا شريف، قال: قل يا أبا عبدالله فقلت: يا أبا عبد الله ما حقيقة العبودية؟ قال: ثلاثة أشياء، أن لا يرى العبد لنفسه فيها خوله الله ملكاً؛ لأن العبيد لا يكون لهم ملك، يرون المال مال الله يضعونه حيث أمرهم الله تعالى به، ولا يدبر العبد لنفسه تدبيراً، وجعل اشتغاله فيما أمره الله تعالى به ونهاه عنه، فإذا لم ير العبد لنفسه فيما خوله الله ملكاً هان عليه الإنفاق فيما أمره الله تعالى أن ينفق فيه، وإذا فوض العبد تدبير نفسه إلي مدبره هان عليه مصائب الدنيا، وإذا اشتغل العبد بما أمره الله ونهاه لا يتفرغ منها إلى المراء والمباهاة مع الناس فإذا أكرم الله العبد بهذه الثلاثة هان عليه الدنيا وإبليس والخلق، ولا يطلب الدنيا تكاثراً وتفاخراً، ولا يطلب ما عند الناس عزاً وعلواً، ولا يدع أيامه باطلا فهذا أول درجة التقى، قال الله تعالى: {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ}[القصص: ٨٣] قلت: يا أبا عبد الله أوصني قال: أوصيك بتسعة أشياء فإنها