طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

سوء الخاتمة ونعوذ بالله من سوء الخاتمة

صفحة 146 - الجزء 1

  قتلت ثلاثة من المسلمين، فانصرف المرتد فتبعه العابد فقتله، فبعد تلك المجاهدات والعبادات قتل على غير الإسلام، فكم من مغبوط في أحواله انعكس عليه الحال ورمي بمقارفه قبح الأعمال، فبدل بالأنس وحشة وطرداً وبالقرب غيبة وبعداً كما قيل: -

  أحسنت ظنك بالأيام إذ حسنت ... ولم تخف سوء ما يأتي به القدر

  وسالمتك الليالي فاغتررت بها ... وعند صفو الليالي يحدث الكدر

  وقال سهل بن عبدالله: خوف الصديقين خوف سوء الخاتمة، عند كل خطرة وحركة.

  وكان سفيان الثوري كثير البكاء والجزع، فقيل له: يا أبا عبدالله عليك بالرجاء فإن عفو الله أعظم من ذنوبك، فقال: أو على ذنوبي أبكي، لو علمت أني أموت على التوحيد لم أبال بمثل الجبال من الخطايا⁣(⁣١).

  ومرض بعض العارفين فقال لبعض إخوانه: اقعد عند رأسي حتى أموت، فإِن مت علي التوحيد فاشتر بجميع ما أملكهـ لوزاً وسكراً وفرقه علي صبيان البلد، وقل: هذا عرس فلان، وإن لم يكن كذلك فأعلم الناس حتى لا يغتروا بجنازتي فقعد عند رأسه حتى مات على الإيمان فاشترى اللوز والسكر وفرقه على صبيان البلد، هذا خاف فسلم، ومن لم يخف من سلب الإيمان فهو علي خطر.

  وكان حبيب العجمي يبكي ويقول: من ختم له بلا إله إلا الله دخل الجنة، ثم يبكي ويقول: ومن لي بأن يختم لي بلا إله إلا الله.


(١) يعني أنه كان يخشى أن يموت على غير التوحيد لأن الأثر قد ورد بأن من كان آخر قوله في الدنيا لا إله إلا الله محمد رسول الله وهي كلمة التوحيد، وجبت له الجنة وليس يوفق لهذا القول غير الصالحين المتقين.