طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

مقدمة المؤلف

صفحة 21 - الجزء 1

  الأنبياء $: عمراً وقد لبث في قومه ألف سنةٍ إلا خمسين عاما: يا أطول الأنبياء

  عمراً كيف وجدت الدنيا؟ قال: كدار له بابان دخلت من أحدهما وخرجت من الآخر. ومر أحد الأنبياء $ بعجوز وهي تبكي فقال لها: مالك يا أمة الله؟ قالت: أبكي على ولدي مات قطفاً، فقال: كم كان عمره؟ فقالت: خمسمائة سنة، فقال: الله أكبر أين أنت من أمة محمد الرسول مشتركة الذي يأتي آخر الزمان تتراوح أعمارهم ما بين الستين إلى السبعين سنة، فقالت: والله لو كنت من تلك الأمة لانتظرت للموت تحت هذه الشجرة.

  ويقول الرسول ÷: «معترك أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين» فانتبه يا هذا فلو تتعمر عمر الجبال، أو تملك ملك قارون، أو تتسلط على من في الأرض أو تكون لك جبال الأرض ذهباً وفضة لما نفعك ذلك إلا بتقوى الله تعالى والأعمال الصالحة فلا تغتر بشيء من الدنيا وزخرفها، فإنه يتلاشى ويفنى وتبقى تبعاته ليوم لا تنفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار.

  فانظر بعين البصيرة، واعتبر بأمير المؤمنين علي #، وقد طلق الدنيا ثلاثاً لا رجعة فيها، وانظر على قصذة صاحبه همام وقد وعظه الإمام فبلغت منه الموعظة ذلك المبلغ الذي فارق به الحياة، وانظر معتبراً بالإمام زيد بن علي حليف القرآن، عليه الرحمة والرضوان، وقد كان إذا قرئ عليه القرآن أغمي عليه حتى يظنوا أنه لا يرجع. وإلى زهد العارف بالله إبراهيم الكينعي - رضي الله تعالى عنه - ومريديه، وإلى السري السقطي، والجنيد، والفضيل، وابن أدهم، ورابعة،

  وغيرهم - رضي الله تعالى عنهم -، وإلى أولئك الأولياء والصالحين الذين نحلت أجسادهم في عبادة ربهم، وفي هذا العصر المشؤوم أهله أخبرني الثقة أن شريفاً لا يحب ذكر اسمه إذا قرئت عليه الآية من القرآن الكريم سقط مغشياً، فقلت: غريب ورب الكعبة! فأين أولئك وأين نحن منهم! يا للهول ويا