طرائف المشتاقين من قصص الأولياء والصالحين،

القاسم بن أحمد المهدي (معاصر)

الإمام يحيى في دست ملكه

صفحة 201 - الجزء 1

  وشرب الإمام ذات يوم شربة باردة فحمد الله تعالى، وقال: نعمة الماء نعمة ... وأشار إلى القاضي العلامة مطهر الغشم أن يتممه فقال:

  ................. لا تكافئها النعم

  فارتشفها على الظمأ ... وأعطها شكرها الأتم

  قال الله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ ٩ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ ١٠}.

  في الثلاثينات سنة ١٣٣٠ هـ تقريباً حكي أن رجلاً من بُرَدُّون الحدا قرية قريبة من صنعاء توفي وترك أولاداً ذكوراً وإناثاً ضعفاء، فأعوزوا ولحقتهم الفاقة، والفقر والجوع، فعاشوا على الصدقة وقليل الراحمون، فذات يوم دخلوا حديقة أعناب وفواكه فرسك ورمان وغيره لأحد أهلها فتسلق أولئك الأيتام جدار الحديقة وأخذوا يأكلون ويملؤون جيوبهم، فشعر بهم صاحب الحديقة وهاجمهم، وأخذ ما في جيوبهم وأوسعهم ضرباً مبرحاً، فأخرجهم هاربين وهم يبكون لا ناصر لهم ولا مغيث إلا الله تعالى فكوّن الله تعالى في الحال سحابة في الأفق مثل الجرادة، فنمت في لحظات قليلة، وغيمت واسود لونها، وأمطرت على تلك الحديقة خاصة كأفواه القرب، فخرج صاحبها هارباً إلى خارجها فاقتلع ذلك المطر الجدران والأحجار، والأعرام، واقتلع الأشجار من عروقها، واجتث ترابها حتى أظهر الصفا من تحت وصاحبها ينظر متحيراً مبهوتا، ناعياً نفسه وماله، وندم حين لا ينفع الندم وقال: هذه عقوبة الأيتام الذين ضربتهم وأخذت ما في جيوبهم، وتكبرت عليهم.

  وما من يدٍ إلا يد الله فوقها ... ولا ظالم إلا سيبلى بظالم